أرشيف المقالات

أريد حلا ..... فن احتواء المشاكل الزوجية - إيمان الخولي

مدة قراءة المادة : 39 دقائق .
 
إن سفينة الحياة الزوجية قد تعترضها بعض الأمواج التى تعرقل سيرها فكل بيت يمر بأزمات تكاد تعصف به لولا قيادة واعية  واحتواء من الطرفين لهذه  الأزمات لضلت سفينة الحياة الزوجية  طريقها إلى بر الأمان
فهذه نسب الطلاق   المفزعة تنذر بخطر يهدد المجتمع من تبعات هذا القرار  فى الحياة المعاصرة  بهمومها ومتطلباتها تثقل على الفرد  وتضغط عليه لتصيب أفراده بالقلق الذى هو داء العصر الذى بدوره يفقدنا معنى أن يسعد الإنسان بالمتاح لديه ويرضى به  ولكنه يبحث دائما عن الكمال أن يعيش حياة بلا مشاكل ولا هموم فهؤلاء يستسلمون للأزمات  وينتهى الأمر إلى الطلاق
إن المشاكل الزوجية كبرت أم صغرت ليست هى التى تحدد إمكانية الوصول إلى  حل ولكن استعداد الزوجين ورغبتهما  فى البقاء والاستمرار فى العلاقة  هو المفتاح الحقيقى لحل المشكلة إذ كيف يتعامل  الطرفان مع  المشكلة  ؟ .........
 العلاقة المبنية على الود والتفهم لطبيعة الإختلاف بين الزوجين والرصيد السابق لكل منهما عند الآخر هو الذى يسمح للعلاقة  أن تستمر لفترات طويلة  ولكى تستمر لابد من المعاناة والألم  حتى ينضج الطرفان فإن الحلول السهلة المريحة كثيرة ولكن من الذى سيدفع الثمن فلابد من تحديات  وصبر وشىء من التغافل  حتى يسعد الطرفان بوجود كل منهما فى حياة الآخر
 
هناك مشكلات تبدو فى ظاهرها  بسيطة لكن بالبحث عن أصلها تجد لها جذوراً عميقة وتراكمات فى نفسية أحد الطرفين  قد تظهر فى صورة سخرية أو استهزاء أو ذكر عيوب الطرف الثانى أمام الآخرين  وقد تكون فى صورة تجنب للطرف الآخر وعدم الدخول معه فى حوار أو الانشغال بمواقع التواصل الاجتماعى لفترات طويلة أو المكث فى العمل لفترات طويلة هربا من حل المشكلة  ويتركها  لتحل مع الأيام دون مواجهة فتنفجر فى وجهه فى يوم من الأيام وتهدد حياته الأسرية التى ما كانت لتتفاقم لو تعامل مع المشكلة فورا   
الكثير منا يتمنى أن يعيش حياة بلا مشاكل  وتراه ينظر إلى الجانب السلبى  فى المشكلة ولكن ماذا إذا نظرنا إلى إيجابيات المشكلة لنجد أنها فرصة ليعرف كل طرف ما يغضب الطرف الآخر ويزعجه ليتجنبه ف الناس فى  الرخاء سواء  ولكن تظهر ما بداخلها وقت حدوث المشكلة فيكون الاختبار الحقيقى لمدى قوة هذه العلاقة وحرص أصحابها على الاستمرار فيها فيعود الطرفان بعد المشكلة  أفضل مما كانوا من قبل كما أنها وسيلة يتعرف بها كل طرف على اخطائه ويسعى لإصلاحها وتصحيح الأفكار الخاطئة التى تكونت لدى الطرف الآخر وتدفعه لتغيير حياته نحو الأفضل ومن ثم تحقق الانسجام النفسى والتوافق الروحى فكلما استطاع الطرفان تجاوز خلافاتهما كلما وصلا للنضج فى العلاقة  الذى يدفعهما للاستمرار
 
ومن الأمور التى تخلق الأزمات فى الحياة الزوجية عدم الاتفاق قبل الزواج على كيفية  إدارة الحياة الزوجية بما فيها الأمور المالية والإنفاق وتربية الأولاد والاهتمام بدراستهم وحدود العلاقة بأهل  الطرفين وماذا عن فترة الخطوبة .؟........تمضى فترة الخطوبة فى الحديث عن المشاعر والأحاسيس دون الاتفاق على كيفية إدارة الحياة
كما أن من الأمور التى تكون سبباً فى المشاكل هو اختلاف الشخصيات فهناك الإجتماعى وهناك الانطوائى والعقلانى والعاطفى فإن لم يتفهم كل طرف طبيعة شخصية الطرف الاخر ويكون معه مفاتيح التعامل معها سيؤثر ذلك بالسلب على حياتهما كما أن النشاة الأولى والتربية تكون سبب فى خلافات لتأثرالطرفين بآبائهم وآمهاتهم  وأختلاف توقعات كل منهما فالشاب يريد زوجة نسخة من أمه وتعامله كما كانت أمه تعامله والفتاة كذلك تتوقع أن يعاملها زوجها كما كان يعاملها أبوها وهناك من تخرج من بيت كانت الأم فيه متسلطة ومتحكمة فى كل شىء فتتقمص هى نفس الشخصية مع زوجها  وقد يخرج الفتى من  بيت اعتاد على إهانة المرأة واذلالها فيتصور أن هذا هو الطبيعى فى الحياة
كما أن للإختلاف البيئات الاجتماعية والموروثات الثقافية بين الطرفين  الأثر فى بناء أفكارنا عن الزواج وكيفية معالجة المشاكل فإن وسائل الإعلام لها دور فى  تكون أفكارنا عن الزواج وتكوين الانطباعات عن الحياة الزوجية وقد تكون هذه التوقعات بعيدة عن الواقع فيصاب الفرد بالإحباط إن لم يجد الحياة الوردية التى يرسمها الإعلام فى الأفلام والروايات
خطوات لاحتواء المشكلة 
التركيز على المشكلة  الحالية وليس ماحدث فى الماضى من أمور ثم استمع للطرف الثانى لأن عادة فى وقت المشكلة كل واحد يقول مالديه دون اهتمام بالطرف الآخر وابدأ دائما بكلمة انا لانها تشير لأنك مستعد لتحمل مسؤلية التغيير
لا تحاول أن تبحث عن المخطىء فى المشكلة فلسنا  فى مبارة أى الفريقين فائز وأيهما خاسر إنها حياة زوجية علاقة شراكة  وليس ندية
تعود أن تعبر عن ما تشعر به ولا تتوقع أن الطرف الثانى يقرأ أفكارك وأن عليه أن يدرك احتياجاتك الآن مثال على ذلك  ........
أن الزوجة تتوقع من الزوج أن يساعدها فى أمر معين دون أن تطلب منه المساعدة  مبررة ذلك أن عليه أن يشعر بها ويقدر مجهودها   طوال اليوم مع الأولاد
إذا استعرضنا المواقف الخلافية “بين النبي وأزواجه فسنجد تصرفاته نموذجاً ينبغي على كل مسلم ومسلمة أن يهتدوا  به حتى ينالوا السعادة في الدنيا والآخرة..
عن النعمان بن البشير  « " اسْتَأْذَنَ أَبُو بَكْرٍ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعَ صَوْتَ عَائِشَةَ عَالِيًا ، فَلَمَّا دَخَلَ تَنَاوَلَهَا لِيَلْطِمَهَا، وَقَالَ : أَلَا أَرَاكِ تَرْفَعِينَ صَوْتَكِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
فَجَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَحْجِزُهُ ، وَخَرَجَ أَبُو بَكْرٍ مُغْضَبًا ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ خَرَجَ أَبُو بَكْرٍ : كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ ؟ قَالَ : فَمَكَثَ أَبُو بَكْرٍ أَيَّامًا ، ثُمَّ اسْتَأْذَنَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَوَجَدَهُمَا قَدِ اصْطَلَحَا ، فَقَالَ لَهُمَا : أَدْخِلَانِي فِي سِلْمِكُمَا ، كَمَا أَدْخَلْتُمَانِي فِي حَرْبِكُمَا .
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : قَدْ فَعَلْنَا ، قَدْ فَعَلْنَا )
» .
رواه أبو داود في " السنن "
أنظر كيف احتوى النبى صلى الله عليه وسلم الموقف وداعب زوجته  ليريها أنه أقرب إليها من أبيها  حين قال : كَيْفَ رَأَيْتِنِي أَنْقَذْتُكِ مِنَ الرَّجُلِ ؟ ليعلمنا درسا أن البيوت لا تخلو من الخلافات لكن المهم كيف التعامل معها وإعلاء قيمة الأسرة على قيمة الفرد فعندما يحدث مشكلة لا ينظر لها كل طرف على  أن الىخر أخطأ فى حقى فيذهب ينتصر لنفسه وينهى العلاقة ولكن عليه أن يدرك أننا خلقنا مختلفين فلا يجعل الإختلاف يفسد ما بينهم من الود
وتشتكى زوجات النبى من ضيق الحال وتطلب التوسعة فى النفقة
عن ‌جابر بن عبد الله قال: (دخل أبو بكر يستأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوجد الناس جلوسا ببابه لم يؤذن لأحد منهم، قال:فأذن لأبي بكر فدخل، ثم أقبل عمر، فاستأذن فأذن له، فوجد النبي -صلى الله عليه وسلم- جالسا حوله نساؤه واجما ساكتا، قال:
فقال: لأقولن شيئا أضحك النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: يا رسول الله لو رأيت بنت خارجة سألتني النفقة، فقمت إليها، فوجأت عنقها، فضحك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقال: هن حولي كما ترى ‌يسألنني ‌النفقة.
فقام أبو بكر إلى عائشة يجأ عنقها، فقام عمر إلى حفصة يجأ عنقها، كلاهما يقول: تسألن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما ليس عنده؟!
فقلن: والله لا نسأل رسو «ل الله -صلى الله عليه وسلم- شيئا أبدا ليس عنده.
ثم اعتزلهن شهرا أو تسعا وعشرين، ثم نزلت عليه هذه الآية:»

{(يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ ‌قُلْ ‌لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا)}
«قال فبدأ بعائشة، فقال: يا عائشة، إني أريد أن أعرض عليك أمرا أحب أن لا تعجلي فيه حتى تستشيري أبويك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ فتلا عليها الآية، قالت: أفيك يا رسول الله أستشير أبوي؟ بل أختار الله، ورسوله، والدار الآخرة، وأسألك أن لا تخبر امرأة من نسائك بالذي قلت.
قال: لا تسألني امرأة منهن إلا أخبرتها، إن الله لم يبعثني معنتا ولا متعنتا، ولكن بعثني معلما ميسرا)
»
مسلم
قد يتسال البعض كيف لزوجات النبى أن يشتكين وهن زوجات نبى  ألا يكفى كل منهن أنها زوجة نبى ولكنه  موقف جاء ليعلمنا أن بين النبوة مثله مثل كثير من بيوتنا تحدث فيه مشاكل وخلافات وهذه قد تكون من الحكمة أن الله عزوجل لم يبعث لنا ملك إنما بعث بشر مثلنا يأكل
ويتزوج ويغضب ويفرح وتحدث المشكلة ليكون لنا قدوة وأسوة حسنة لنرى كيف أنه استخدم أسلوب الحوار معهم والتخيير وأعطاهن الحرية ولم يجبرهن على شىء تخيير كان فى إعلاء لقيمة الآخرة على الدنيا وأن على الإنسان أن يرضى بما قسم الله له فإن الله  لم يمنعه  شيئا  إلا وقد عوضه عنه من ناحية اخرى  كما بين الموقف حرص النبى على أن تستشير السيدة عائشة والدها إيمانا منه  بحق المرأة فى ابداء رأيها وأن رأيها  يجب أن يُقدر  فهى ليست  سقط متاع  لا رأى لها كما كان يعتقد  العرب قديما
مشكلة الغيرة :
فعن أنس رضي الله عنه: « (أن رسول الله ، كان عند بعض نسائه، قال: "أظنها عائشة" فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم لها بقصعة فيها طعام، قال: فضربت الأخرى بيد الخادم فكسرت القصعة نصفين، قال: فجعل النبي، يقول: "غارت أمكم"، قال: وأخذ الكسرتين فضم إحداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام، ثم قال: كلوا فأكلوا)» .
انظر كيف تفهم النبى الموقف وأدرك أنها غيرة النساء فلم يغضب ولم يعنف  وتصرف بحكمة تبين فهمه لطبيعة شخصية المرأة وأن الغيرة جزء منها تركيبتها فلا يغار إلا من يحب  وقد ينظر البعض إلى الموقف فيظن أنه كيف يصدر من زوجة نبى مثل هذه الأمور لذلك نجد النبى يعالج الموقف بقوله غارت امكم  ولم يقل عائشة دليل على أن الغيرة أمر طبيعى فى النساء وعليهم أن ينظروا إليها على أنها أمهم  فيقدروا غيرتها وكيف لا تغار وهو سيد العالمين 
وهذاموقف أخر في حجة الوداع خرج النبي بزوجاته، وكانت عائشة على جمل خفيف ومعها متاع قليل، فيما كانت صفية على جمل بطيء ومعها متاع ثقيل، فأمر النبي محمد أن يتبادلا راحلتيهما حتى يسرع الركب.
فغضبت عائشة، وقالت: «يَا لَعِبَادِ اللهِ، غَلَبَتْنَا هَذِهِ الْيَهُودِيَّةُ عَلَى رَسُولِ اللهِ»، فشرح لها النبي سبب ما فعل، فقالت: « «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ الله؟»، فتبسم وقال: «أَفِي شَكٍّ أَنْتِ يَا أُمَّ عَبْدِ اللهِ؟»، فقالت: «أَلَسْتَ تَزْعُمُ أَنَّكَ رَسُولُ اللهِ أَفَهَلا عَدَلْتَ؟».
فسمعها أباها، فهمّ بضربها، فأوقفه النبي محمد وقال له: «إِنَّ الْغَيْرَى لا تُبْصِرُ أَسْفَلَ الْوَادِي مِنْ أَعْلاهُ»»
.
إن الغيرة مطلوبة فى أمور منها عندما تنتهك  حرمات الله والغيرة بين الزوجين الخالية من الأوهام والشكوك محمودة لكن هناك من الرجال أو النساءالتى  إذا غارت حولت حياة زوجها إلى جحيم بشكها  فى تصرقاته طوال الوقت وتؤول كلامه على غير الحقيقةوتفتش فى ملابسه وهاتفه وتأخذها الأوهام لمدى بعيد وتبنى على ذلك تصرفات وتصدر الأحكام ولا شك أن الغيرة إذا تجاوزت الحد تعكر صفو الحياة الأسرية ولكن بالرجوع إلى أصل  هذا الشعور نجد أنه نتاج ضعف التربية   الدينية والخلقية  أو حماقة الرجل   وسوء تصرفه هو الذى  يجعل  زوجته تشك فيه وعلاج الامر   أن  تشغل القلب بالله وتتعلق به ولا تسترسل فى هذه الأوهام والشكوك وتجاهد نفسها فى التغلب على هذة الأفكار وتحكم العقل ولا تسيرخلف العواطف والأهواء وتحسن الطن بزوجها فحسن الظن من الأخلاق التى حث عليها الإسلام وتعمل على شغل وقتها بما هو مفيد سواء عمل أو حفظ قرآن أو نشاط خيرى
كيف عالج النبى صلى الله عليه وسلم  الخلاف بين ابنته وزوجها
عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه، قال: «ما كان لعليٍّ رضي الله عنه اسمٌ أحبَّ إليه من أبي تراب، وإنْ كان ليفرَح به إذا دُعي بها، جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بيتَ فاطمة عليها السلام، فلم يجد عليًّا في البيت، فقال: ((أين ابنُ عمِّك؟)).
فقالت: كان بيني وبينه شيء فغاضبَني فخرج فلم يَقِلْ عندي [لم يَقِلْ؛ تعني: لم يَنَمْ وسَط النهار القيلولة]، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لإنسان: ((انظر أين هو)) فجاء، فقال: يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو مضطجع، قد سَقط رداؤه رضي الله عنه عن شِقِّه [عن جانبه] فأصابه تراب، فجعل رسولُ الله صلى الله عليه وآله وسلم يمسحه عنه وهو يقول: ((قُمْ أبا تراب، قُمْ أبا تراب))»
؛ أي: يا أبا تراب.
روى البخاري
كان من الممكن ان يقول لعلى كيف تُغضب بنتى انها بنت نبى وهكذا من الكلمات التى يقولها الآباء لأزواج بناتهن وأن يأخذ ابنته إلى بيته ويقول لها  إنه لا يعرف قيمتك وتكبر المشكلة وقد لا يستدعى الأمر  واكتفى على رضى الله عنه أن النبى جاء إلى عنده ليصلحه على زوجته وإذا تأملنا فى الحديث نجد أنه لم يقل لها أين زوجك ولكن قال أين ابن عمك ليذكرها بصلة القرابة بينهما فقد تنتهى صلة النسب لكن تبقى صلة القرابة ومن ناحية آخرى نجد أن السيدة فاطمة لم تحكى لأبيها تفاصيل المشكلة  ولكن اكتفت بكلمة غاضبنى وكان ذلك من الحكمة ان لا تحكى الزوجة اسرار بيتها حتى وإن كان لأمها وأبيها لان  الزوجان قد يصطلحا ويبقى الأهل  يتذكران  ما حدث
ماذا عن المشكلات الزوجية فى حياة الصحابة
فقد جاءت خولة إلى النبى صلى الله عليه وسلم يوما تشكو زوجها  تشكو إليه أنه قد كبر سنه وساء خلقه  فما كان من النبى إلا أن قال لها يا خولة ابن عمك شيخ كبير فاتقى الله فيه " إلى أن نزل فيها آيات الظهار وكفارته وهى  أن يقول الرجل لمرأته أنت على كظهر أمى وإذا تأملنا  الموقف نجد أن المرأة احتكمت إلى شرع الله منذ البداية عندما جاءت تطلب حلا لمشكلتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم أى أنها تريد أن تتقى الله فى أسرتها فجعل الله لها من مشكلتها الفرج والحل ببركتة طاعة رسول الله  من منا يحتكم إلى شرع الله عندما تحدث مشكلة أسرية أم اننا نبحث عن الحل السهل وهو الطلاق لنجد من يترك زوجته ويجعلها كالمعلقة ولا يعطيها حقوقها ولا يتقى الله فيها  ولا ينفق على أولاده
أم الدرداء الصحابية الجليلة تشكو أبا الدرداء لأخيه  الصحابى سلمان الفارسى
فقد آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبي الدرداء وسلمان الفارسي- رضي الله عنهما-.
فجاء سلمان لأبي الدرداء زائرا فرأى أم الدرداء قد أهملت نفسها ولاح في وجهها القهر فقال لها: ما شأنك.
فقالت: إن أخاك ليس له حاجة في شيء من الدنيا..
أصبح أبو الدرداء لا ينام الليل.
فسكت سلمان الفارسي ولم يكلم أبا الدرداء.
وقامت لتصنع لهما طعاما فلما أكلا هيأت أم الدرداء لهما فراشهما فنام سلمان وأبو الدرداء هنيهة، ثم قام أبو الدرداء ليصلي فأمسك سلمان بثوبه وقال له: نم يا أبا الدرداء.
ونام ثم نهض ليصلي فأمسك سلمان به وقال له: نم.
فنام..
فلما كان الثلث الأخير من الليل قام ليصلي فقال سلمان الفارسي: الآن انهض لتصلي.
ولما انبلج الفجر خرجا ليصليا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال أبو الدرداء : لأشكونك لرسول الله صلى الله عليه وسلم .
فقال سلمان الفارسي: يا أبا الدرداء إن لربك عليك حقا ولأهلك عليك حقا ولجسدك عليك حقا فأعط كل ذي حق حقه.
فلما قضيت صلاة الفجر مال أبو الدرداء على أذن النبي عليه الصلاة والسلام وشكا له ما فعل سلمان الفارسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "صدق سلمان
ليس معنى  أن يتعبد الانسان ويتقرب إلى ربه أن يهمل بيته وزوجته وهذا أمر يقع فيه كثير من المتدينين فجاءت  هذه القصة  لتعلمنا أن المسلم لابد أن يوازن  بين علاقته  بالله وواجباته تجاه أسرته وأهله هذا بالنسبة لمن يؤثر العبادة على الدنيا فمابالك بمن ينشغل بالدنيا وجمع المال على حساب  زوجته وأولاده ولا يؤدى حقهم فيكون سبباً فى فساد الأسرة وضياع الابناء وهو لا يدرى ويظن أنه يجمع لهم السعادة  باللهث وراء المال  
 
وها هى أسماء بنت أبى بكر تشكو  من شدة زوجها الزبير بن العوام إلى أبيها فماذا كان رده
" ، فَقَالَ: يَا بُنَيَّةُ اصْبِرِي فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا كَانَ لَهَا زَوْجٌ صَالِحٌ ثُمَّ مَاتَ عَنْهَا فَلَمْ تَزَوَّجْ بَعْدَهُ، جُمِعَ بَيْنَهُمَا فِي الْجَنَّةِ"،
أرأيت  حكمة الأب لم يقل لها كما يفعل كثير من الآباء  أطلبى الطلاق فقد أهانك ولكن ذكرها  بمحاسنه وأنه زوج صالح فقد علم الأب الصديق أن الدنيا دار بلاء ولو أن كل امرأة  رأت من زوجها أمرا يغضبها طلبت الطلاق  لأصبحت كل النساء مطلقات ولكن هنلاك كثير من المشكلات يكون حلها الصبر حتى ينتهى الاختبار  
وهذا هو عمر بن الخطاب أمير المؤمنين والصحابى الجليل  يأتيه رجل يشكو إليه زوجته
أَنَّ رَجُلًا جَاءَ إلَى عُمَرَ يَشْكُو إلَيْهِ خُلُقَ زَوْجَتِهِ فَوَقَفَ بِبَابِهِ يَنْتَظِرُهُ فَسَمِعَ امْرَأَتَهُ تَسْتَطِيلُ عَلَيْهِ بِلِسَانِهَا وَهُوَ سَاكِتٌ لَا يَرُدُّ عَلَيْهَا ، فَانْصَرَفَ الرَّجُلُ قَائِلًا : إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ فَكَيْفَ حَالِي ؟ فَخَرَجَ عُمَرُ فَرَآهُ مُوَلِّيًا فَنَادَاهُ : مَا حَاجَتُك يَا أَخِي ؟ فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ جِئتُ أَشْكُو إلَيْك خُلُقَ زَوْجَتِي وَاسْتِطَالَتَهَا عَلَيَّ فَسَمِعْتُ زَوْجَتَكَ كَذَلِكَ فَرَجَعْت وَقُلْت : إذَا كَانَ هَذَا حَالَ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ مَعَ زَوْجَتِهِ فَكَيْفَ حَالِي ؟ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إنَّمَا تَحَمَّلْتُهَا لِحُقُوقٍ لَهَا عَلَيَّ : إنَّهَا طَبَّاخَةٌ لِطَعَامِي خَبَّازَةٌ لِخُبْزِي غَسَّالَةٌ لِثِيَابِي رَضَّاعَةٌ لِوَلَدِي ، وَلَيْسَ ذَلِكَ بِوَاجِبٍ عَلَيْهَا ، وَيَسْكُنُ قَلْبِي بِهَا عَنْ الْحَرَامِ ، فَأَنَا أَتَحَمَّلُهَا لِذَلِكَ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ وَكَذَلِكَ زَوْجَتِي ؟ قَالَ : فَتَحَمَّلْهَا يَا أَخِي فَإِنَّمَا هِيَ مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ .
هكذا نرى أن عمر بن الخطاب طبق حديث النبى صلى الله عليه وسلم الزوج إذا كره من زوجته خلق رضى منها آخر وهكذا تستمر الحياة ولا تنسوا الفضل بينكم أيها الأزواج كما بين لنا الشرع
ها قد رأينا هل خلت بيوت الصحابة من المشكلات وهم مبشرون بالجنة وزوجاتهم على درجة عالية من الإيمان والتضحية  ؟  كلا ولكن  هل وجدت كلمة توحى بأنهم عازمون على الطلاق كحل لمشكلاتهم  لا والله  فالفرق بيننا وبينهم أننا نبحث عن حلول بعيدا عن شرع الله وطاعة رسوله أما هم فهم متمسكون بتقوى الله  فى علاقتهم الأسرية والشعور بالمسئولية تجاه الآخر وهذا ما تفتقده الأجيال الحالية  
وهذا يرجع للطريقة التى يسلكها الزوجان فى علاج المشكلة فهى  التى تحدد ما أن هذه المشكلة ستؤدى إلى انهيار العلاقة  أم أنها ستكون مجرد سحابة صيف عابرة
وليعلم الطرفان أن هناك أمور  تؤخذ فى الاعتبار عند حدوث مشكلة ألا وهى  أن المشكلة ليست مهمة بقدر احترام كل طرف لوجهه نظر الآخر وعدم التسفيه منها  مثال لذلك قد يختلف الزوجان فى طريقة تربية الأولاد لكن هذا لا يجعل طرفاً يشوه صورة الطرف الثانى عند الأولاد ويصدر لهم الكراهية  للأم او للأب ثانيا معرفة السبب الحقيقى للخلاف والذى أحدث المشكلة فقد يكون مشكلة الإنفاق على البيت هى الظاهرة ولكن فى العمق قد تكون أحساس أحد الطرفين أن الآخر يفرض سيطرته عليه ويحاول التحكم فيه أو أن أحد الطرفين  لا يقدر مجهود شريكه فى الحياة وهكذا من الأمور التى يجب أخذها فى الاعتبار فلا نعالج الظاهر ونترك أصل المشكلة يتراكم  إلى أن ينفجر يوما ما فإذا حدث مشكلة مادية يتفق الأثنان على أنهما يريدان تحسين الدخل ولكن ليس على حساب بيتهما وغيابهما عن أ ولادهما فلابد أن يكون هناك نقاط متفق عليها  فى الحياة  حتى لا تتفاقم المشكلة وأخيرا أن يكون الحل مشاركة بين الطرفين وليس بفرض الرأى فيجب أن يكون هناك مرونة فى اتخاذ القرارات  وليس لطرف  أن يفرض سيطرته على الثانى على طول الخط
ومشكلة مثل "تدخل الأهل" أهل الزوج أو الزوجة فى حياتهما بعد الزواج فعلى الزوجين أن يتفقا على أن الوالدين لهما حق علينا ولكن ليس لهما أن يتدخلا فى حياة الزوجين بشكل يصنع المشاكل من لا شىء وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا ويتفقا على  أن كل أسرة   ولها خصوصيتها ولهما الحق فى الاحتفاظ بخصوصيتهما لا يطلع عليها أحد  وأن تدخل الأهل فى حياتهما إنما هو مسؤليتهم  هم وليست مسئولية  الأهل  هما اللذان سمحا لهم بالدخول فى حياتهما  وبالتالى إذا كانوا يعيشان  مع الأهل فى منزل واحد  فعليهما الانفصال عنهم  داخل البيت بالتدريج والاعتذار بأنهم يريدان  التخفيف على الوالدين أما اذا كانوا يسكنان  فى مسكن منفصل فواجب على الأبناء زيارة أهلهم  دون أن تحكى أو  يحكى  لهم تفاصيل حياته ماذا أكل وأين ذهب هو وزوجته ؟ وهكذا من الأمور التى  قد تؤدى إلى حدوث مشاكل وليحرص الزوج أو الزوجة على الحفاظ على  أسرتهما أولا ولا يخلط الأمور ببعض ويدعى أنه يحكى لوالديه من باب البر بهم   كلا هذا ليس له علاقة بالبر  إنما كشف لأسرار البيوت  فليحاول كل طرف أن يفصل بين علاقته بأهله وعلاقته بزوجته وأولاده
 
وهناك من الزوجات من تدخل زوجها فى مقارنة مع زوج صديقتها أو أختها أو أبنة عمها هذا اشترى  لزوجته كذا وكذا وهذا أخذ زوجته فى إجازة ترفيهية أو هذا يعمل فى مركز مرموق وهذا يتقاضى راتب كبير  وهكذا من المقانات التى تصيب الزوجة  بالسخط على الزوج  وعدم الرضى الذى يؤدى للمشاكل وقد يكون للزوج زميلة له معجب بهاو بأسلوبها فى التعامل  فهو يراها مدة بسيطة من اليوم تظهر أفضل ما عندها للناس ولكن ماذا لو عاش معها تحت سقف واحد ستظهر عيوبها حتما والتى قد لا يطيقها ف تحمد الله على زوجتك وأم أولادك والفكرة هو أن الشيطان يزين للإنسان الحرام ويجمله له  فلينتبه جيدا حتى لا يفسد عليه حياته  وعندما ترى نفسك غير راض أو غير راضية عن زوجك اكتبى مميزاته وعيوبه فى ورقة واحمدى الله على المميزات كما قال الله تعالى : {" لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ}   " وتذكر قول الله تعالى " {(وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ)} [البقرة:216]. فلا تدعوك المقارنات إلى النفور من زوجتك أو زوجك فالعلاج القرآنى فى كتابة الحكيم إذ يقول {وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ  لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا  وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ  وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ  إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا } (32 " إن الله قد  فصل فى هذا الأمر بتربية الإيمان داخل النفس البشرية فهو  الذى يدفع الإنسان للرضى بما قسمه الله له  ويعلم أن كل شىء مقدر عند الله فيشكر الله عليه وليعلم كل طرف أنه ليس هناك إنسان كامل وإذا انتظرنا أن يكتمل  الجزء الناقص من حياتنا فلن نستمتع بالنعم التى أنعم الله بها علينا والباحث عن الكمال كمن يلهث وراء سراب 
 
ومن المشاكل أيضا مشكلة الندية فى الحياة الزوجية والصراع على اتخاذ القرارات والأمر ليس بهذه الصورة ف العلاقة الزوجية  فى الأصل قائمة على المشاركة فى إتخاذ القرار والمشاورة وليس لأن يتسلط  طرف على الاخر  أو ينفرد بالقرار وقد يكون مرجعية ذلك لأن الزوج مثلا تربى فى بيئة الرجل فيها هو الآمر  الناهى بينما الزوجة تربت فى بيئة قائمة على التشاور والاحترام ولغة الحوار فيحدث الصراع  من هنا أو يكون نتيجة نقص معرفى بالحقوق والواجبات الشرعية على الزوجين  
فمن المهم أن يتفق الزوجان قبل الزواج على تحديد الوظائف وتوزيع المسئوليات من البداية فإن حدث خلاف يذكر أحدهما الآخر بما أتفقا عليه فى  بداية الزواج  وطريقة أتخاذ القرار هناك أمور ستكون مشاركة  بينهم  وأمور سيتخذ فيها الرجل القرار
ومن المشاكل أيضا  عناد الزوجة فقد يكون نابعا من تربية خاطئة من الطفولة أو
شعور بالنقص نتيجة معاملة الأسرة لها قبل الزواج والتى لم يكن فيها احترام أو تقدير أو نتيجة تسلط الزوج وعدم استشارته زوجته  فى حياتهما أو الاستهزاء برأيها  مما يدفعها للعناد أو يكون هذا السلوك راجعا لتقليد الزوجة لسلوك أمها مع أبوها ........أيما كان السبب تستطيع المرأة التخلص من العناد الذى يفسد عليها حياتها حتما إذا استمرت فيه فلن يصبر الطرف الثانى كثيراً أو قد يكون الحل أن يعيشا تحت سقف واحد  ولكن منفصلين وذلك بأن  تستخدم العناد فى  شيء إيجابى  يعود على  أولادها وبيتها بالنفع وأن تتمسك بآداب الحوار مع الزوج وتستحضر نية حسن تبعل الزوج عند وقوع الخلاف وأن طاعته من طاعة الله  وأنها ليست فى منافسة من يربح فهو  ليس مشروعا تجاريا إنما ميثاق غليظ ورباط له قدسيته ينتج عنه أبناء لابد أن يعيشوا فى جو صحى لا خلافات فيه فيجب أن يقدم أحد الطرفين شيئا من التنازل عن رأيه حتى تمضى سفينة الحياة وليس فى ذلك إهانة أو امتهان لأى منهما  ليبارك الله لهما فى حياتهما باحتسابها الأجر والثواب  لله  وحده
مشكلة ضرب الزوج لزوجته : فهناك من الرجال من يفهم القوامة  أنها القسوة والتسلط والضرب ويعتبر ذلك من حقوقه الشرعية وهذا سوء فهم للدين ولآيات القرآن  نسى أن الشرع جعل  الضرب مرحلة أخيرة بعد أن تنفد كل الوسائل  من الوعظ والنصيحة والهجر فى الفراش ويكون  الضرب غير مبرح ولكن هؤلاء الرجال تأخذهم العزة بالإثم  ويعتقدون أن القوامة طوق فى رقبة المرأة لإزلالها  وقهرها وماذا عن حديث النبى صلى اله عليه وسلم
سئل النبى ما حق المرأة على زوجها ؟ قال أن يطعمها إذا طعم وأن يكسوها إذا اكتسى وأن لا يضرب الوجه ولا يقبح ولا يهجر إلا فى البيت "  كان  صلوات الله عليه وسلامه اذا سمع عن رجل يضرب زوجته يغضب  فعن أم المؤمنين عائشة قالت ماضرب رسول الله  شيئا بيده قط ولا امرأة ولا خادما إلا أن يجاهد فى سبيل الله " وماذا عن الواقع ترى كثيراً ممن يدعون الإلتزام هم أول من يستخدم حقه خطئا فتراه يبدأ بالضرب فيكسر لها يد أو يفقع لها عين
ألم تعلم  أيها الزوج أن الإنسان مكرم عند الله
"وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَىٰ كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا (70) "   فكيف تهين من كرمه الله  ألم تعلم أن العقاب  يختلف من مرأة لآخرى  فمن النساء من تردها النظره إلى صوابها ومنهم من تردها الكلمة ومنهم من لا يردها إلا الضرب وهؤلاء قلة  فمن البداية علينا أن لا تصل الخلافات  الزوجية لهذه المرحلة  من الضرب فالزوجة عليها أن لا توصل زوجها لهذه المرحلة فإذا استخدم الزوج معها  الضرب فعليها أن تلجأ إلى حكماء فى العائلة لحل الخلاف والتعهد عليه بعد م الضرب والإهانة مرة أخرى  ووضع طريقة لحل المشاكل الزوجية والخلافات غير الضرب   وعلى الزوجة إذا علمت أن زوجها إذا غضب انفعل وأستخدم يده فعليها أن تبعد عن المواضيع أوالكلمات التى تستفزه وأن يكون النقاش بعيدا عن الأطفال حتى لا يتسبب فى تعقيد  ابنائه من فكرة الزواج  لأن والده كان يضرب والدته
فليحسن الرجل استخدام القوامة بما فيها من رعاية وحفظ ورحمة والتعامل مع كل موقف على  قدره
ومن ذلك يتبين أنه ليس هناك مشكلة بدون حل مهما كبرت فالأيام تمر ويكتسب الزوجان خبرات فى حياتهما  تزيد التفاهم بينهما  واقترابهما من بعض وتتغير نظرتهم للمشكلة ويسهل   احتواؤها
 
ابن جسوراً لتعبر عليها الأزمات
إن النظرة الإيجابية للمشكلات   تحول  المواقف من نقاط ضعف لنقاط قوة فمثلا إذا سألت المدرس ماذا تفعل ؟ يقول لك أشرح الدرس للطلبة أما اذا سألت مدرس آخر فيقول لك أساهم فى تربية   أطفال وأزرع فيهم القيم ليخرجوا  إلى المجتمع  يصلحوا  فيها فهذه النظرة الإيجابية لو طبقناها  على حياتنا الزوجية تمنع الأمور السيئة أن تصبح أكثر سوأ مما هى عليه وتمنع التجارب الصعبة أن تحطم حياتنا
لا تبحث عن الكمال فى شريك الحياة واسعد بالتغيير  ولو كان  بسيطا وأن نتعامل مع العثرات بشىء من التغافل وترك استقصاء أخطائه  لأنك إذا أوقفت حياتك حتى تنتهى المشاكل فستعيش عمرك كله فى حالة انتظار وهو ما يصيبك بالإحباط    فاخفض سقف توقعاتك فى الطرف الآخر  وتعامل  معه على أنه بشر يخطىء ويصيب عندما تصل إلى ذلك تكون قد تخلصت من وهم الكمال لتكون أكثر واقعية ومن ثم أكثر تسامحا مع أخطاء شريك الحياة
ولا تقارن بينك  وبين غيرك فى الحياة الزوجية لأن عدم القناعة بشريك الحياة سبب فى مشاكل زوجية ويفقدك السعادة بما فى يديك وأسمتع لقول الحق سبحانه وتعالى { وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِّنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ  وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } 
وإن سمعت شيئا عن  أحد  فلا تأخذ بالظاهر فالبيوت أسرار كما يقولون  فلكل بيت ظروفه وكلنا نختلف عن بعض فى الطبائع وردود الأفعال فما يرضى هذا قد يغضب هذا  ولا تدرى ما نوايا الناس فى إظهار أنهم يعيشون سعداء على خلاف الحقيقة 
كما أن الافصاح عن المشاعر والمصارحة  يكون مفتاح الحل لأى مشكلة المصارحة بأن  هناك خلل ما طرأ على العلاقة وأنه لم يعد يهتم بك  أو أنها مقصرة فى أعمال المنزل وهكذا ثم تأتى الخطوة الثانية الاستماع بإنصات للطرف الآخر ثم االأمر الأخير تقبل  رأى الطرف الثانى ولا تسفه منه أو تعيره بأفعاله الماضية والابتعاد عن العتاب وإلقاء اللوم على الطرف الآخروالمحاولة لتقديم حلول واقتراحات ودراسة مميزات وعيوب كل اقتراح وهل يصلح للتنفيذ أم لا ؟...
وأن يكون هناك نوع من المرونة فى التعامل مع المشاكل فخذ مثالا
ذبابة تحاول الخروج من النافذة تحوم حولها تحاول أن تخرج إلى أن ماتت
وهذا صياد يصطاد سمكا فكلما خرجت إليه سمكة صغيرة احتفظ بها وإذا خرجت سمكة كبيرة ألقاها إلى البحر مرة أخرى   فتعجب الناس فقالوا له لما تفعل ذلك قال لهم إنى حزين ولكن ليس بيدى شىء فالقدر الذى أطهو فيه صغير لا يكفى لسمكة كبيرة
 
فالمثال الأول أن الذبابة تصر على مخرج معين ولو استكشفت فى الحجرة لوجدت باب كبير فى الحجرة كان ممكن أن تخرج منه  
وهكذا الصياد إذا راجع قدراته وإمكانياته لوجد حلاً لتلك المشكلة  وهكذا نجد الكثير منا يفكر تفكير الصياد أو الذبابة إننا عندما نستخدم أسلوبا معينا لحل المشكلة ولا يجدى فعلينا أن نغير من الأسلوب والطريقة ولا نحاول بنفس الطريقة كل مرة
ولا تصر على رأيك فى كل مرة ظنا منك أنك على صواب لأن هذا يثير غضب الطرف الآخر ويجعل المشكلة تزداد اشتعالا وتجد نفسك أمام باب مغلق لا يفتحه إلا كلمة واحدة " أنا آسف "  فالاعتذار له قوة السحر فى حل المشكلة وهو يعمق مشاعر الاحترام بين الطرفين الذى يجعل الطرف الآخر يقوم بنفس ما قمت به ويعتذر هو الآخر ولكن تأكد عندما تقولها أن لديك  الرغبة الحقيقية فى عدم تكرار الأمر فى المستقبل
تجنب الردود التى تظهر من البداية أنك كسبت الجولة وانتصرت ولكنها تترك أثرا سيئا يعمق الخلاف عند الطرف الثانى ولذلك عليه أن  لا يبادر بحل المشكلة ساعة الغضب ولكن على النفوس أن تهدأ  أولا
لا تسمح بتراكم المشكلات يوما بعد يوم حتى لا يحدث الانفجار فى صورة الطلاق فى النهاية فعليك أن تفرغ أولا بأول ولا تطل فترة الخلاف فلا تدع اليوم يمر دون حل الخلاف  حتى لا تقسو القلوب وتتنافر
بادر أنت بالصلح إذا وقع خلاف  وليكن نيتك  " خيركم من يبدأ بالسلام "
الاعتراف بالخطأ فضيلة وهو خير من التمادى فى الباطل وعلى الطرف الآخر أن يشكر هذا الفعل ويقدره ويعتبره من حسنات الطرف الآخر ولا يعتبره تنازلاً عن الحق فيتمادى فى غروره
كما أن هناك من الأزواج مجرد حدث الخلاف إذا به يسرع إلى المحاكم ليتخلص من هذه الزيجة أو يدخل غرباء قد لا يكونوا أهل ثقة وليسوا حكماء ليفصلوا بينهم فيأخذ الخلاف منحى آخر وينتهى با لطلاق  بسبب تدخل الناس  وتكون المشكلة فى الأصل بسيطة
 
وماذا عن خلق التغافل
يقول ابن حنبل " تسعة أعشار حسن الخلق فى التغافل "  أى أن يتغاضى كل طرف فى العلاقة الزوجية عن ما لا يعجبه فى الطرف الآخر من صفات أو طبائع ولا يدقق وينقب عن كل شىء لما فعلت كذا ولما لم تفعلى كذا  فمن الأزواج إذا كان الملح كثيراً فى الطعام قامت الدنيا ولم تقعد وإذا تعثر بلعبة  من لعب أطفاله فى البيت تراه  يلقى باللوم كله على شريكة حياته وهكذا الزوجة لا تدقق فى أفعال زوجها لما لم يفعل كذا ولما فعل كذا  لان التدقيق فى الأمور والنظر اليها بعين مجهرية ينغص الحياة ويجعل العشرة صعبه
واستمع لنصيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ يقول:: لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر "  رواه مسلم  فعلى كل طرف إذا وجد عيبا تذكر كم من أيام حلوة مضت كثيرة بينهما تجعله يغض الطرف عن هذا العيب ويلتمس للطرف الآخر العذر لعله مشغول أو لعلها لا تقصد
كما قال ابن المبارك " المؤمن يطلب المعاذير والمنافق يطلب الزلات  "
و سورة التحريم  تشير إلى مبدأ التغافل  من خلال  قوله تعالى " عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَن بَعْضٍ " فالإعراض عن بعض الأمور وعدم التحدث فيها هو منهج ربانى يدعونا للعمل به  حياتنا اليومية
إن الزوج إذا نظر إلى زوجته بعين الرضا   فلا يرى منها إلا كل جميل وحسن أما السخط فيجعله يرى محاسنها عيوبا
ولا تحزن لوجود مشكلة فقد تكون سبباً فى معرفة حقيقة الدنيا وأنها دار ابتلاء فيستيقظا من غفلتهما ويستعدان للآخرة
وقد تكون المشكلة كشف لمعادن الناس ففى السراء يستوى الجميع أما فى مواقف الشدائد تظهر الأخلاق الحقيقة
وليدرك الزوجان قد تكون المشكلة بسبب معصية  مع الله فليصل ما بينه وبين الله يصلح بينه وبين زوجته لأن المشاكل نوع من البلاء وما وقع بلاء إلا بذنب وما أرتفع إلا بتوبة وقد يكون يكون ابتلاء من الله ليختبر مدى شكرهما لنعم الله عليهم إذ يقول :" { لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ  وَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ  وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [ (40)" النمل] ​​​​​​​
ويبقى الحل الأول والأخير هو تقوى الله عزوجل فإن اتقى الله كل طرف فى علاقته بالطرف الآخر ولا ينتظر أن تقدر ما تفعله أو يشعر  هو  بك  فهو الفائز فى العلاقة
عامل الله ولا تنتظر الآجر ولا تدع للشيطان نصيبا من حياتكما يوسوس لكما لينزلكما من منزل السعادة والهناء لمنزل الشقاء والتعاسة بمجرد وسوسة وأفكار سلبية  عن الطرف الآخر ويظل ينفخ فيها حتى تتأجج نار الخلافات وتصبح الحياة مستحيلة وذلك لأنهما سمحا لأنفسهما باتباع خطوات الشيطان  وجنوده من الأنس فاليطرد الزوجان الشيطان وجنوده من حياتهما بالاستعاذة بالله منه وقراءة القرآن وتغليب طاعة الله وشرع الله على وساوس الشيطان وليعلم كل منها أنه ليس له سلطان على المؤمن  فمن تبعه للنهاية فإنه يتخلى عنه ويتركه يواجه مصيره فى الحياة وحينها لا ينفع الندم
قد تقرأ الكتب الكثير عن الزواج والأسرة وحل المشكلات لكن هذا لا يؤهل إلى أن تنجح فى حياتك فقط عليك أن تطبق ما تعلمته نظريا وتسعى إلى التغيير إذا تطلب الأمر ذلك حتى يغير الله أحوالك إلى الأفضل فالأمر يحتاج منا أن نجاهد أهواءنا الشخصية لكى يبقى الحب وتدوم العشرة الطيبة

شارك الخبر

ساهم - قرآن ١