عنوان الفتوى : الطريق إلى الإيمان والتخلص من وساوس الشيطان
بداية أشكر لكم الإجابة الشافية منكم على سؤالي السابق ولكني لم أعرف الآلية التي تقودني للتخلص من أفكاري( الشيطانية ) والعياذ بالله بالذات عندما أقرر الصلاة وكأني أشعر بأن جبال الأرض تكدست على رأسي وصدري مع العلم أنني أتمنى حقيقة أن أنسلخ من هذا الواقع ، بنظرة عامة على خلفيتي فأنا من عائلة تصلي وتعبد الله إلا من والدي والذي شرع في الصلاة حديثا ، ولكني كنت أنتسب إلى إحدى الأحزاب الشيوعية وقد قضيت من عمري في السجون الاسرائيلية العديد من السنوات وتعلمت على قراءة الديالكتيك والمادة والكون وقرأتها أكثر من القرآن كذلك وصدقا فإنني أحفظ عن ماركس أكثر مما أحفظ من أحاديث نبوية شريفة ، بعد هذا التغلغل اكتشفت بأن هذه النظريات لم تعد تناسبني وأنها ضحك على اللحى خاصة وأنها ذات جذور يهودية في معظمها وتعمل على تهديم القيم الأخلاقية ، المهم بعد هذه الإطالة أن أي حديث عن الغيبيات بالتحديد لا يتقبله عقلي وأعيده إلى إطاري المرجعي والصورة القديمة المخزنة عندي لذلك فإنني أعاني من التشويش الذي أريد أن أخرج منه وأن أتفرغ للعبادة مع العلم أنني عايشت لحظات الموت كثيرا في هذه الانتفاضة وأقلها ما حدث في رام الله قبل أسبوع ، فلا أريد أن ألاقى ربي على هذه الشاكلة ، الرجاء دلوني على النصوص التي تعالج حالة الضياع هذه ، عذرا على الإطالة وأتمنى منكم المساعدة ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشرح صدرك, وينور قلبك, ويحبب إليك طاعته والإيمان بما به أخبر, والعمل بما به أمر, والاجتناب لما نهى عنه وزجر .
إن ما تحس به من ثقل عندما تريد أداء العبادة كالصلاة أو غيرها إنما هو من عدوك اللدود الشيطان الرجيم الذي أخذ على نفسه العهد والميثاق ليغوين بني آدم ويحجزهم عن الطاعات ويوقعهم في المحرمات, قال الله تعالى عنه : إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ {فاطر: 6 } وقال تعالى عنه : لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ {الأعراف: 16 ـ 17 } فالشيطان يتخذ كافة الأسباب والوسائل لغواية الإنسان وصده عن ربه تبارك وتعالى ، وعلاج هذا الأمر سهل ويسير على من أراد الخلاص من كيد الشيطان. وأول شيء هو : أن تلجأ إلى الله تعالى بصدق وإخلاص وتسلم أمرك إليه, وتنطرح بين يديه, وتستعيذ به من الشيطان الرجيم فهو العاصم منه ومن غيره قال الله تعالى : وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ {فصلت: 36 } وقال تعالى : إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ {النحل: 99 ـ 100 }
ثانيا : أن تكثر من قراءة القرآن وذكر الله تعالى فبذلك حياة قلبك وراحة نفسك, كما بينا ذلك مفصلا في الفتوى رقم : 12744 ، فاقرأها بتأمل عسى الله أن ينفعك بها .
واحمد الله تعالى على أن أنقذك من الحزب الذي كنت تنتمي إليه وتفني عمرك في القراءة لرموزه والتأثر بنظرياته الباطلة, والتي منها عدم الإيمان بالغيب الذي أخبر الله به في كتابه الكريم الذي : لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ {فصلت: 42 } , أو أخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى ، وما عليك أخي الكريم إلا أن تجاهد نفسك على القيام بعبادة الله تعالى والمحافظة على أذكار الصباح والمساء والنوم الاستيقاظ وغيرها, وتجد ذلك في كتاب الأذكار للإمام النووي رحمه الله تعالى فهو كتاب مفيد ، وأكثر من تلاوة القرآن والدعاء ، وخير ما يعينك على هذا كله أن تذهب إلى بعض المشائخ عندكم وتتعلم منه ما يشكل عليك, وما يخطر لك من الشبهات, وتصحب رفقة صالحة طيبة فهي خير معين لك على الاستقامة على طاعة الله والثبات عليه وفقنا الله وإياك لما يحبه ويرضاه .
والله أعلم .