عنوان الفتوى : علاج الوساوس في ذات الله جل وعلا
أنا شاب في 13 من العمر، محافظ على الصلاة، والقرآن. منذ شهر تقريبًا كنت أقرأ القرآن، فوقفت أتدبر قوله تعالى: (وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ)، وأثناء التدبر شعرت كأن أحدًا يقول: ربما لا يوجد الله، ولا جنات، فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله، فما هذا الذي أفكر فيه؟ فأنا الآن خائف من أن أكون قد أشركت؛ وأصبح هذا يحدث مرات عدة، وبعد كل مرة أقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنا من المسلمين، فلماذا أفكر بهذه الأشياء؟ وهل هذا دليل على أنني مشرك؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن المسلم لا يؤاخذ بخطرات القلوب، والوساوس في ذات الله جل وعلا، بل كراهة المسلم لوساوس الكفر، ونفور قلبه منها، دليل على إيمانه، كما جاء في صحيح مسلم عن أبي هريرة أنه قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا، وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلًا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالًا محققًا، وانتفت عنه الريبة، والشكوك. اهـ.
وينبغي للمسلم إذا وجد شيئًا من تلك الوساوس أن يعرض عنها، وأن يتشاغل عنها بغيرها، وأن يدفعها بالاستعاذة بالله عز وجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يأتي الشيطان أحدكم، فيقول: من خلق كذا؟ من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه، فليستعذ بالله، ولينته. أخرجه البخاري ومسلم.
ومن سبل دفع الوسوسة: قول: آمنت بالله، كما جاء في الحديث: لا يزال الناس يتساءلون، حتى يقال: هذا، خلق الله الخلق، فمن خلق الله؟ فمن وجد من ذلك شيئًا، فليقل: آمنت بالله. أخرجه مسلم.
ومن ذلك: ما جاء عن ابن عباس -رضي الله عنه- لما سأله رجل عن الوسوسة في الإيمان، فقال له: إذا وجدت في نفسك شيئًا، فقل: هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ {الحديد:3}. أخرجه أبو داود.
جاء في فتح الباري لابن حجر: قوله: (من خلق ربك؟ فإذا بلغه، فليستعذ بالله، ولينته) أي: عن الاسترسال معه في ذلك، بل يلجأ إلى الله في دفعه، ويعلم أنه يريد إفساد دينه، وعقله بهذه الوسوسة، فينبغي أن يجتهد في دفعها بالاشتغال بغيرها. اهـ. وراجع الفتوى: 12300.
والله أعلم.