عنوان الفتوى : مسائل فيمن كتب أملاكه باسم زوجته الجديدة
توفي والدي وكتب أملاكة لزوجته الجديدة والتي تزوجها بعد وفاة والدتي وله منها أولاد وبنات، وأنا، ولي أخوان لم يكتب لنا شيئا، هل نأخذ منها حقنا، وكيف التصرف؟ وما حكم الدين في ما فعله والدي ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه ينبغي أولا النظر في مكتوب هذا الرجل لزوجته ، فإن كان ما كتب لها من أملاكه باسمها على طريق الوصية بعد وفاته فإن هذه الوصية لا تصح إلا إذا أجازها بقية ورثته بعد وفاته وكانوا رشداء بالغين لأنها وصية لوارث ، والوصية لا تصح لوارث، ولا بما زاد على ثلث التركة؛ لقول الرسول صلى الله عليه وسلم : الثلث، والثلث كثير . رواه البخاري وغيره ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث . وفي رواية الدارقطني : إلا أن يشاء الورثة . رواه أصحاب السنن .
وأما إذا خلت من ذلك بأن كانت كتابته لها على سبيل الهبة الناجزة وخلى بينها وبين أملاكه وتم حوزها من قِبَلها قبل حصول مانع من زوجها كدخوله في مرض موته فإنها تعتبر هبة صحيحة ، وليس لك ولا لغيرك من الورثة مطالبتها بشيء منها إلا إذا كان القصد منها الإضرار بالورثة وحرمانهم من حقهم، فإن الضرر يزال كما قال أهل العلم، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول : لا ضرر ولا ضرار . رواه مالك في الموطأ . فيعامل بنقيض قصده وترد هبته ، وكذا إن كانت غير صحيحة بحيث كانت وصية لها بالأملاك بعد الوفاة أو تجاوزت الثلث ولم يجزها الورثة، فإن ما يحق لها من تلك الأملاك هو الثُمُن فقط، وهو نصيب الزوجة من تركة زوجها إذا كان له ولد ، وما زاد عن الثمن فعليها رده لبقية الورثة ، أبنائه منها ومن زوجته الأولى ، ليقسم بينهم على ما جاء في كتاب الله تعالى للذكر مثل حظ الأنثيين ، وللمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتاوى ذات الأرقام التالية : 52512 ، 51986 ، 28886 .
ومهما يكن من أمر ففعله غير رشيد؛ لقوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين من حديث سعد ابن أبي وقاص رضي الله عنه : قال: قلت: يا رسول الله أوصي بمالي كله ؟ قال : لا ، قلت: فالشطر ؟ قال : لا ، قلت : الثلث ، قال : فالثلث والثلث كثير ، إنك إن تدع ورثتك أغنياء خير من أن تدعهم عالة يتكففون الناس .
وإن كان قصد بفعله حرمانهم من الإرث ففعله محرم وغير نافذ على الصحيح كما بينا .
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جداً وشائك للغاية وبالتالي فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقاً لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذاً قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقاً لمصالح الأحياء والأموات .
والله أعلم .