عنوان الفتوى : الاستسلام للوساوس يفوت على العبد حلاوة الإيمان
شيوخنا الكرام، سؤالي يتعلق بالنذور، ولكن لأكثر من سؤال في حالة نذرت فيها أرجو منكم أن تجيبوني على كل سؤال دون إحالتي لأسئلة أخرى، لكن أعتقد سؤالي يختلف نوعا ما: أعاني من مرض الوسواس القهري الذي يجعلني أُعيد الصلاة أكثر من مرة حتى أشعر بأنها صلاة كاملة وصحيحة، ولكي أجبر نفسي على أن لا أكرر الصلاة صليت ذات مرة صلاة الظهر، ولكن قطعتها لأعيدها مرة أخرى بسبب الوساوس وشيء ما يجعلني أقطع الصلاة لعدم صحتها فقلت إنني أعاهدك يارب نذرت لك أن أصلي 10 ركعات إذا أعدت الصلاة مرة أخرى، ولكن للأسف لم أستطع أن أكمل الصلاة وقطعتها بسبب هذا الوسواس، ولكن لم أوف بالنذر حيث لم أصل 10 ركعات، وبالتالي سؤالي هو: هل أنا آثمة لأنني نذرت على شيء كهذا؟ وسؤالي الآخر هو: هل علي الوفاء بالنذر بالرغم أني ما فعلت إلا لأحاول منع نفسي من الخضوع لهذه الوساوس وأجبرها على تكملة الصلاة بسبب هذا المرض والشعور دائما بأن صلاتي غير صحيحة، ولم يجد ذلك معي؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول لهذه الأخت الكريمة: نسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياك لما يحب ويرضى، وأن يثبتنا وإياك على الهدى والحق، عليك أن ترفضي هذا الوسواس ولا تلتفتي إليه، فإن الوسواس من حيل الشيطان على الإنسان، فإن الشيطان يحتال على المرء، ويحاول أن يشككه في صحة معتقده وصحة عبادته حتى يفوت عليه حلاوة الإيمان ولذة العبادة وطمأنينة الطاعة.
وعلى كل فننصحك بالإعراض تماماً عن تلك الوساوس والاستعانة والاستعاذة بالله تعالى من شر الوسواس الخناس، وملازمة قراءة المعوذتين وكثرة تلاوة القرآن والمداومة على ذكر الله تعالى، فقد روى الحافظ أبو يعلى في مسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الشيطان واضع خطمه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله خنس، وإن نسي التقم قلبه، فذلك الوسواس الخناس.
واعلمي أنك طالما استسلمت لهذه الوساوس فلن تثقي بأي عمل تعملينه، وعليك أن تجربي نصيحتنا وهي الإعراض عن وسوسة الشيطان، ومخالفة أمره بإعادة الصلاة مع الاستعانة بالله تعالى عليه فستجدين نتيجة ذلك عاجلاً إن شاء الله.
ثم إن هذا النوع من النذر هو ما يسمى بنذر اللجاج، وكنا قد ذكرنا التفصيل في الفتوى رقم: 54432. أن نذر اللجاج لا يلزم الوفاء به وأنه تكفي عنه كفارة اليمين، وضابط نذر اللجاج هو: أن يمنع نفسه من فعل أو يحثها عليه بتعليق التزام قربة بالفعل أو بالترك، ولا حرج في أن يفي به، ولكن لا يلزمه وتكفيه عنه كفارة يمين، ولا تأثم الأخت السائلة بسبب نذرها هذا، ولكن لا داعي له لأنها قد تعجز عن فعل الشيء الذي نذرت لأجله، وقد لا تستطيع الكفارة وبالتالي فتكون بالنذر قد ألزمت نفسها أمراً كانت في غنى عنه. وقد اختلف أهل العلم في حكم النذر المكرر، كما سبق توضيحه في الفتوى رقم: 58168.
والله أعلم.