عنوان الفتوى : ولاية الأخت على مال أخيها القاصر
يوجد رجل تزوج باثنتين ، الأولى أنجب منها عددا من الذكور وهم راشدون الآن ، وقد طلقها منذ فترة طويلة ، وأنجبت له المرأة الثانية عددا من الإناث إلاَّ واحدا يبلغ من العمر ست سنوات ، وقد توفي الرجل ، ثم توفيت زوجته الثانية .الحاصل أن خلافا شديدا مستحكما قد نشب بين أبناء الزوجة الأولى وأبناء الزوجة الثانية ، وقد تشعب ذلك الخلاف حتى وصل إلى مرحلة اللدد في الخصومة ، كما كثرت الدعاوى القضائية بين الفريقين ، ولوجود الطفل القاصر اقتضى الحال أن يوجد عنده ولي ووصي ليمثله أمام القضاء ، فاستصدرت شقيقته الكبرى أمراً ولائياً بتعيينها وصية وولية عنه . إلاَّ أن إخوتها من جهة الأب وهم خصومها طعنوا في استحقاقها للولاية والوصاية وطلبوا أن يكون أحدهم وصياً وقيما على الطفل القاصر فهل يجوز شرعاً دفع دعواهم بعدم استحقاقهم للوصاية والولاية عن الطفل القاصر لأيلولة ذلك الحق لشقيقة القاصر الكبرى ، وهل يمنعون شرعاً من أن يكونوا أوصياء على الطفل لتحقق الخشية من وقوع الضرر بمصالح الطفل القاصر إذا ما آلت الوصاية والولاية لهم لاستحكام الخلاف العائلي الذي يخشى معه على مصالح القاصر ، وهل يوجد من علماء الشريعة من جوز أن تكون الولاية والوصاية للنساء مع وجود الرجال وهل يجوز للأخت الكبرى في هذه المسألة أن تختص باستحقاق تمثيل القاصر والقيام بأمره أمام المحاكم مع اقتصار حق الولاية للعصبة ؟ وبارك الله فيكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأخت لا تستحق الوصاية المالية على أخيها القاصر، ولا نعلم قائلاً بأنها تستحق ذلك ، والخلاف في الأم هل لها الوصاية بعد الأب والجد أم تنتقل الوصاية بعد فقد الجد أو وصيه إلى السلطان دون الأم، وهذا هو المرجح عند العلماء .
جاء في الموسوعة الكويتية : يرى جمهور الفقهاء أنه لا ولاية للأم على مال الصغير ، لأن الولاية ثبتت بالشرع فلم تثبت للأم كولاية النكاح ، لكن يجوز أن يوصى إليها فتصير وصية بالإيصاء .
وفي رأي للشافعية ــ خلاف الأصح ــ وهو قول ذكره القاضي والشيخ تقي الدين ابن تيمية من الحنابلة تكون لها الولاية بعد الأب والجد ، لأنها أكثر شفقة على الابن . اهــ
لكن إذا جعل لها الوصاية من له الحق وهو الأب، فإن فقد فالجد فإن فقد فالسلطان، كان لها الولاية إذ لا يشترط في الوصي أن يكون ذكرا، قال العلامة الشربيني في مغني المحتاج : (ولا تشترط الذكورة ) بالإجماع كما حكاه ابن المنذر، وقد أوصى سيدنا عمر رضي الله عنه إلى ابنته حفصة رضي الله عنها ، رواه أبو داود (وأم الأطفال أولى من غيرها )من النساء عند اجتماع الشروط السابقة لوفور شفقتها . اهــ
والإخوة لا يستحقون الوصاية على أخيهم ، وعليه فالحكم من القاضي بتعيين الأخت وصية على أخيها صحيح وليس لإخوتها نقضه إلا إذا كانت هي غير مؤهلة لرعاية الصبي، وانظري الفتوى رقم : 30186
والله أعلم .