عنوان الفتوى : النهي عن العزل عن الحرة إلا بإذنها
شيخي الفاضل أنا وزوجي شابان نتمتع بصحة جيدة وحالتنا المادية ميسورة ولنا طفل واحد ولله الحمد. زوجي له بعض الصفات الطيبة لكنه أناني وجاف المشاعر وتغلب عليه العقلية الأوروبية وأنا بدوري لا أخلو من مساوئ ولا من ميزات حسنة يشهد لي بها الجميع. و أهم هذه الميزات أني مسالمة, عاقلة و صبورة. المهم هو أن زوجي يريد الاكتفاء بطفل واحد وليس له عذر سوى أن الأطفال متعبون وهو لا يجد في نفسه رغبة ولا ميل لتحمل تلك المسؤولية. مع أني أتحمل الكثير من الناحية المادية ولا أتفضل بذلك عليه لأن الماديات لا تهمني كثيرا. والآن من شدة حرصه على أن لا أحمل يتجنب الجماع ماعدا مرة أو مرتين في الشهر كما يحرص أثناء ذلك على العزل. بالإضافة إلى أنه يفكر جديا بإجراء عملية تعقيم. يقول أن العملية ضرورية حتى يرتاح نفسيا وعقليا ويتمكن من الجماع الطبيعي بدون خوف وقلق من أن يحصل الحمل. وأنا أريد إنجاب طفل أخر لا أكثر من أجل ابني أيضا. كما أني مستعدة لتأجيل الموضوع لكنه بات متيقنا من الأمر ويقول أنه لا فائدة من تأجيل الأمر لأنه أخذ قرارا نهائيا. لا أخفيك أني أتعذب في صمت, غريزة الأمومة عندي متدفقة و فياضة لكني مجبرة على قتلها و ممارستها مع ابني فقط. ابني الذي أشعر برغبته في وجود أخ أو أخت له, ألحظ هذا في عيونه البريئة اذا ما زارني أو زرت من له أطفال. و في المقابل فأنا لا أضغط على زوجي بخصوص هذا الموضوع حتى لا يعتبرني نكدية. بل أصارحه بلطف برغبتي و عدم رضاي عما يحصل. لقد خيرني إما البقاء معه على هذا الحال أو أن يطلقني. ترك الخيار لي و قال إنه يفضل أن نكمل حياتنا مع بعض لأنه راض عني. مع أني على قدر كبير من الجمال ولي قدرة كبيرة على الإقناع إلا أني فشلت في إقناعه ولا جدوى أيضا من التحكيم لأنه يرفضه وبشدة. ولا أرى أن له جدوى مع شخصية قوية وعنيدة مثل زوجي. أفكر بطلب الطلاق حتى أستريح من أنانيته لأنه لا يفكر في عواقب قراره علي و على ابننا. لكني أتعذب من أجل ابني و من آثار الانفصال على صحته النفسية لاحقا. فهل مطلبي بأن يكون لي طفل ثان يعد من الكماليات؟. هل أكون تعديت حدودي مع هذا الرجل الذي أعطيته أجمل سنوات عمري وطاقاتي العاطفية و الجسدية وكل مدخراتي؟ نعم أنا مستعدة للعطاء أكثر ولكن على ألا يبخل علي بطفل آخر يكون رفيقا لابني و يشبع حاجتي للأمومة. ومن أدراني أنه بعد سنوات قد يتغير تفكيره فيفكر بالارتباط بأخرى فأكون أنا وولدي الضحية! هل أكون آثمة إن أنا طلبت الطلاق؟ أم علي أن أصبر وأحتسب أجري عند الله مع مراعاة رغبته الأكيدة في إجراء عملية التعقيم. ومراعاة أحاسيسي ومشاعري ما بقي لي من عمر. أرجوكم لا تبخلوا علي بالنصح والدعاء فأنا بين نارين وكل ما يهون علي هو أن لي ربا إذا نامت أعين الناس لا تأخذه سبحانه سنة ولا نوم. أقول حسبي الله و نعم الوكيل. جزاكم الله عني و عن المسلمين كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما التعقيم وقطع النسل فإنه محرم وسبق بيانه في الفتوى رقم 17553. فلا يجوز إجراء هذه العملية، ولا يجوز للزوجة طاعة الزوج في إجرائها عليها.
وأما طلب الزوجة الإنجاب فقد سبق في الفتوى رقم: 41091 أن طلب الولد حق للزوجة، ولا يجوز للزوج منعها من هذا الحق، ولا يجوز له العزل إلا بإذنها، قال صاحب كشاف القناع: ويحرم العزل عن الحرة إلا بإذنها؛ لما روي عن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها. رواه أحمد وابن ماجه، لأن لها في الولد حقا، وعليها من العزل ضرر فلم يجز إلا بإذنها. انتهى.
وللزوجة طلب الطلاق للضرر الواقع عليها بسبب هذا المنع.
وننصح الزوجة الفاضلة بالصبر ، ودعاء الله في أوقات الإجابة أن يشرح صدر زوجها لإجابة طلبها المشروع، ولتستمر في مطالبته بطلف وإقناعه بفائدة ذلك عليهما وعلى ابنهما. والله نسأل أن يوفقها وأن يشرح صدر زوجها ويهديه للصواب.
والله أعلم.