عنوان الفتوى : شبهة حول الإعجاز العلمي في القرآن وجوابها
، أود منكم الرد على هذه الشبهة : يقول أحدهم إنه من الممكن أن تكون الأشياء المذكورة في القرآن الكريم في مسائل الإعجاز العلمي من مثل مراحل تطور الجنين أو مثل مسألة اتساع الكون وما إلى ذلك من الممكن أن يكون - و العياذ بالله- عن طريق إخبار الجن حيث إن لهم من القدرات بحيث يطلعون على داخل الإنسان أو يجوبون في أنحاء الكون ، أرجو الرد على هذه الشبهة بالتفصيل ثبتنا الله تعالى و إياكم ، و هل مثل هذا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه أفكار باطلة متهاوية وافتراءات شنيعة، والدافع إليها شدة الحقد والحسد والكراهية للدين وأهله، والرغبة في زعزعة الإيمان عند عوام المسلمين، وهيهات هيهات. قال الله تعالى: يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ {الصف: 8} وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ {الأنفال: 36}
أما القرآن الكريم فهو كتاب الله المعجز الذي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، أنزل الله به الأمين جبريل عليه السلام على قلب محمد صلى الله عليه وسلم، وأخبر فيه سبحانه أن الشياطين من الجن لا يمكنها النزول به. قال تعالى: وَمَا تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّيَاطِينُ {الشعراء: 210} قال ابن كثير: ثم ذكر أنه يمتنع عليهم ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها أنه ما ينبغي لهم أي ليس هو من بغيتهم ولا من طلبهم، لأن من سجاياهم الفساد وإضلال العباد، وهذا فيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونور وهدى وبرهان عظيم، فبينه وبين الشياطين منافاة عظيمة، ولهذا قال تعالى: وَمَا يَنْبَغِي لَهُمْ وقوله تعالى: وَمَا يَسْتَطِيعُونَ أي ولو انبغى لهم ما استطاعوا ذلك. قال تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآَنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ {الحشر: 21} ثم بين أنه لو انبغى لهم واستطاعوا حمله وتأديته لما وصلوا إلى ذلك لأنهم بمعزل عن استماع القرآن حال نزوله، لأن السماء ملئت حرسا شديدا وشهبا في مدة إنزال القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يخلص أحد من الشياطين إلى استماع حرف واحد منه لئلا يشتبه الأمر، وهذا من رحمة الله بعباده وحفظه لشرعه وتأييده لكتابه ولرسوله، ولهذا قال تعالى: إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ. اهـ.
وأيضا هذه الشبهة دعوى لا أساس لها، فما الذي منع الجن أن يوحوا بمثل ما فيه من المعجزات إلى أوليائهم من الكافرين والسحرة والمشعوذين، ثم ما الدليل على أن الجن عندهم القدرة على إدراك تلك المعجزات وفهمها فضلا عن الإخبار بها وتعليمها.
فالواجب على المسلم أن يؤمن بالقرآن وبالكتب المنزلة من عند الله تعالى عملا بقول الله تعلى: قُولُوا آَمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ .. {البقرة: 136}.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي أَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا {النساء: 136}
فمن أنكر أن القرآن ليس منزلا من عند الله وادعى أنه من أخبار الجان يعتبر مكذبا للنبي صلى الله عليه وسلم وللقرآن. وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، ولكن مجرد السؤال عن هذه الشبهة مع عدم اعتقادها لا يعتبر كفرا.
وراجع الفتاوى التالية أرقامها للمزيد في الموضوع ومعرفة ضوابط التكفير: 32547، 13174، 721، 19084، 11128.
والله أعلم.