عنوان الفتوى : لا يمنع أحد الأبوين من زيارة أولاده عند الآخر
أنا أم لطفلين ذكور الأول في السادسة من عمره والآخر في الرابعة، حكمت لي المحكمة بفسخ العقد بيني وبين والدهم للشقاق المحكم بيننا، فقد كان رجلا قاسيا ومبتعدا عن الله والدين، ولا يعلم عن أبنائه شيئا حيث كان لا يراهم إلا مرة واحدة طوال العام على الرغم من اتصالي به كي يأتي ليراهم، وكذلك اتصال أهلي به إلا أن رده كان بأنه لا يريد الأبناء ويود لو ينسون أن لهم أبا، ومنذ عدة أشهر رزقني الله بزوج صالح متدين يخاف الله ويتقي هو ذو منصب عال فتزوجت، وسكنت في مسكن قريب من منزل والدتي حتى يكون الأطفال قريبين مني، مع العلم بأن زوجي الحالي لا يعترض على وجود أبنائي معي في المنزل ألا أن الاطفال متعلقون بشدة بوالدتي وكذلك هي لا تستطيع أن يمر يوم واحد دون أن تراهم، فهي من قامت بتربيتهم حيث أنني أعمل صباحا وهم يكونون تحت رعايتها، ومع ذلك فإنني أقوم بتدريسهم والقيام بكل واجباتهم، والصرف على جميع متطلباتهم (حتى اضطررت في فترة لبيع مصاغي كي لا أدع أبنائي يحتاجون إلى أي شيء ولا أضطر للطلب من أهلي لأن راتب والدي ضئيل جدا) فكان لا ينفق عليهم حتى في الأعياد على الرغم من أن راتبه جيد وليس عليه ديون كثيره، إلا أنه وبعد علمه بزواجي أصبح يأتي أسبوعيا إلى الأطفال ويخرج بهم من الظهيرة إلى الليل ويأخذهم إلى أماكن خطيرة جدا على الأطفال كمنطقة استعراض السيارت (سيلين) ولا يهتم بإطعامهم ولا براحتهم كما أنه يقوم بتحريضهم علي كي لا يناموا عندي في منزلي ويطلب منهم أن لا يحبوني ولا حتى أن يتحدثوا معي أو مع زوجي ويعلمهم الألفاظ البذيئة، مع العلم بأنني قد قمت بتوفير رجل دين ليحفظهم القرآن منذ سن الرابعة وأحاول أمام الله أن أربيهم التربية الإسلامية الصحيحة إلا أنه يأتي ويهدم كل ما أقوم ببنائه، وأقسم بالله العظيم أنني أراعي الله في تربيتي لهم ولم أحاول في يوم من الأيام وعلى الرغم من كل ما عانيته من والدهم عندما كنت على ذمته وحتى بعد انفصالي عنه أن أزرع الحقد أو الكراهيه في قلوبهم اتجاهه، وهو يعلم يقينا ذلك.هو الآن غير متزوج ووالدته ووالده متوفيان وليس له أخوات إناث غير متزوجات فلا يستطيع أن يضم الأطفال إلى حضانته (على حد علمي، فأنا أعمل في القانون وهو مجال دراستي) لا أعرف ماذا أفعل معه، هل يحق لي رفع دعوى ضده أو أن تقوم والدتي بذلك لأن الأطفال في حضانتها؟ لأنه لا يسمع إلى أحد ولا يحترم من هم أكبر منه سواء من عائلته أو عاتلتي، أفيدوني أفادكم الله وجزاكم خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالذي ننصحك به أولاً أنه إذا استطعت حل المشكلة بينك وبين أبي أولادك عن طريق تدخل المصلحين من أسرتيكما بما يضمن حل المشكلة عائلياً دون اللجوء إلى المحاكم، فذلك خير وأفضل؛ لما فيه من الأثر على الأولاد وصون سمعة الأسرتين معاً، فإن لم ينفع ذلك فينبغي أن تتنبهي إلى أمرين وهما:
الأول: أن حضانتك لهؤلاء الأبناء سقطت من يوم تزوجت من غير أبيهما وانتقلت إلى أمك، وراجعي الفتوى رقم: 6660.
الثاني: أنه لا يمكن أن يمنع هذا الأب بحال من الأحوال تفقد أبنائه وزيارته لهم أو زيارتهم له، لأن في ذلك قطعاً للرحم، قال صاحب المغني الحنبلي: ولا يمنع أحدهما من زيارتهما عند الآخر.. إلى أن قال: لأن المنع من ذلك فيه حمل على قطيعة الرحم. انتهى.
وقال صاحب مواهب الجليل المالكي: وفي المدونة: وللأب تعاهد ولده عند أمه وأدبه وبعثه للمكتب ولا يبيت إلا عند أمه.
وبهذا يعلم أن قيام هذا الأب بأخذ أبنائه إلى تلك الأماكن أو غيرها للترفيه لا يمكن منعه منه إلا إذا خشي على الأبناء من وقوع ضرر محقق يلحقهم في ارتيادهم لتلك الأماكن، والمعروف أن الآباء يشفقون على أولادهم ولا يعرضونهم للمخاطر وهم محمولون على ذلك قبل أن يتحقق العكس.
والله أعلم.