عنوان الفتوى : الولي والحكمة منه والزواج من غير العربي
هل يجوز أن تتزوج المرأة البالغة الراشدة من غير إذن وليها؟ وما الحكمة في ذلك؟ هل هناك أفضلية في الزواج من عربي مسلم عن الزواج من مسلم غير عربي؟ حتى وإن كان غير العربي ملتزما بدينه الإسلامي أكثر من العربي؟ وما الحكمة في ذلك؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه لا يجوز للمرأة أن تزوج نفسها من غير إذن وليها رشيدة كانت أو غير رشيدة، بالغة كانت أو غير بالغة، لما ذكرناه مفصلا بأدلته وأقوال أهل العلم فيه في الفتاوى رقم: 5855، 5916، 2843.
وأما سؤالك: ما الحكمة من ذلك؟ فالجواب عنه هو أن الأصل فيما ثبت عن الله ورسوله أنه يجب على المسلم الإذعان له والانقياد إليه، وأن يقول سمعنا وأطعنا، لقوله تعالى في محكم كتابه: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ {الأحزاب: 36} وقال: فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا {النساء: 65} فيجب على المؤمن التسليم لأمر الله ورسوله، وأن يعتقد أن ذلك هو عين الحكمة ومقتضى المصلحة. والله سبحانه وتعالى يقول: لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ {الأنبياء: 23} وحكمة التشريع إذا لم ينص عليها فإن العلماء قد يستنتجون بعض الحكم وقد يعوزهم ذلك، فالقصور منهم، وقد حاول بعضهم أن يستبط بعض الحكم هنا فقال: منعت المرأة من ذلك لأنها ذات عاطفة جياشة، فهي سريعة التأثر وقد تتناسى بعض مصالحها تأثرا بجمال الخاطب مثلا أو ماله ونحو ذلك، كما أن المرأة حينما تتزوج فإنها تدخل أجنبيا على أهلها ومجتمعها، إذن فالمسألة لا تقتصر عليها، كما أن الأصل في المرأة أنها لا تخالط الرجال ولا تكون على دراية بهم وبأحوالهم ومجالسهم، لمانع الحشمة وحرمة السفور فأعطاها الشارع من يعينها ويساعدها في تحقيق حاجتها ورغبتها والحكم في ذلك لا تنقضي.
وأما سؤالك عن أفضلية الزواج بالمسلم العربي من غيره فقد فصلنا القول في ذلك في الفتوى رقم: 998 فنرجو مراجعتها والاطلاع عليها.
والله أعلم.