عنوان الفتوى : استقباح الوساوس وردها أمارة على الإيمان

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

في الواقع سأذكر الملخص للمشكلة وهي أنني منذ حوالي ثلاث سنوات بدأت أتدين تدينا صادقا بإذن الله ولكن في أحد الأيام وهكذا فجأة خطر في بالي وهي لا بد من وساوس الشيطان فكرة عن صفات الله غير لائقة بتاتا -والعياذ بالله أنا أعلم ذلك! واستعذت بالله وحاولت أن أنساها ولكن من وقتها بدأت أفكار تتراوح مماثلة لتلك مع أنني كنت أتضايق جدا وأنزعج وأستغيث بالله دون فائدة وشعرت أنني بدأت أبعد عن الله تعالى وبقيت أناضل لأتخلص من هذه الافكار وساعة أحس حالي أني نجحت تعود وتعاودني مرة أخرى إلى أن نصحتني أمي أن أناقش هذه الأفكار حتى أدحض صدقها وقمت بذلك وأنا كنت ولا أزال على يقين بأنها غير صادقة ولكن كانت تبادرني لحظات في نفسي تهاونت فيها بالمشكلة ولكأنها أعوذ بالله صارت عادية وأنا أعلم أنها وساوس وأحاول أن أفيق وأرجع أستغفر ربي لكن أصبحت أشعر أني أشركت بالله وبصفاته والله لا يغفر أن يشرك به علما بأنني أواظب على الصلاة والسنن أحيانا، وأنا أعلم أن هذه المشكلة مردها نقص في الإيمان وبعد عن الله، ماذا أفعل أريد من سيادتكم بيانا كاملا عن ماذا قصد الله تعالى بقوله (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك)، وأريد تعريفا صحيحا للشرك وحدوده وتشخيصا لحالتي وماذا أفعل إذ إنها باتت وكأنها وساوس قهرية وهل عندما أفكر فيها أكون مشركة أرجوكم أنتظر ردكم بفارغ الصبر؟ ولكم جزيل الشكر والثواب.

مدة قراءة الإجابة : 5 دقائق

 

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن حديث النفس ووساوس الشيطان والخواطر التي تمر بالقلب دون أن يطمئن إليها لا يؤاخذ بها الشخص شرعاً ما لم يتلفظ بها أو يعمل؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم. متفق عليه.

أما من استسلم للوساوس فهو يعين الشيطان على نفسه، وعليه أن يعرض عنها ولا يلتفت إليها، وأن يدفع كل ما من شأنه أن يضعف الإيمان، وقد سئل ابن حجر الهيثمي عن داء الوسوسة هل له دواء؟ فأجاب: له دواء نافع وهو الإعراض عنها جملة -وإن كان في النفس من التردد ما كان- فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت بل يذهب بعد زمن قليل كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين؛ بل وأقبح منهم. انتهى.

وقال العز بن عبد السلام: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني، وأن إبليس هو الذي أورده عليه، وأن يقاتله فإن له ثواب المجاهد لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر منه. انتهى، ولمعرفة المزيد مما يعين على طرد الوساوس راجعي الفتاوى ذات الأرقام التالية: 19691، 13369، 31472، 51601.

أما قولك: إن هذه المشكلة مرجعها نقص في الإيمان وأنك اشركت بالله فغير صحيح، لأن حصول الوسوسة لا يدل على قوة الإيمان ولا على ضعفه لأنها -أي الوسوسة- لم ينج منها أحد كما قال ابن عباس، وأيضاً استقباح هذه الوساوس وردها أمارة على الإيمان لا على نقيضه، كما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال: جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به، قال: أو قد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. قال الإمام الخطابي: ومعناه أن صريح الإيمان هو الذي يمنعكم من قبول ما يلقيه الشيطان في أنفسكم والتصديق به حتى يصير ذلك وسوسة لا يتمكن من قلوبكم ولا تطمئن إليه نفوسكم، وليس معناه أن الوسوسة نفسها صريح الإيمان. انتهى. 

والواجب عليك أن تنتهي ولا تسترسلي في خطرات الشيطان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال: هذا خلق الله فمن خلق الله؟ فمن وجد ذلك فليستعذ بالله وينته. رواه البخاري، وعليه، فلا ينقص الإيمان بحديث النفس كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 22306، وأن الأجر والوزر بالهم والعزم لا بمجرد الفكر والخواطر، وراجعي الفتوى رقم: 20456.

ولمعرفة الشرك راجعي الفتوى رقم: 7386، أما ما تشعرين به فهو وساوس من الشيطان وقد تقدم سبل الخلاص منها، وكذلك تقدم أن مجرد التفكير في ذلك لا يعد كفراً. 

والله أعلم.