عنوان الفتوى : حكم الهبة تحت الإكراه
في ظروف غامضة، وهب أبي إلى ابن خالته قطعة أرضية لم تكن في حيازته آنذاك ولقد تم توثيق هذه الهبة في عقد بيع شكلي رغم أنه لم يكن هناك بيع بعد حيازته على الأرض تراجع أبي على هذا الأمر مبررا بأنه كان تحت تأثير نوع من الإكراه المعنوي وإلا فما كان ليهب لهذا الرجل شيئا وعرض عليه مبلغا تعويضا على سحب هذه الهبة منه مقابل تمزيق عقد البيع الشكلي ما رأي الشرع في هذه المسألة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالهبة لا تلزم بمجرد القول في قول أكثر أهل العلم، ولا تكون نافذة إلا إذا قبضها الموهوب له، أما قبل ذلك، فللواهب الرجوع عن هبته، وهي باقية في ملكه يتصرف فيها كيف شاء.
جاء في المسبوط: ثم الملك لا يثبت في الهبة بالعقد قبل القبض عندنا.
وجاء في بدائع الصنائع، وهو يذكر شرائط أركان الهبة ومنها القبض، قال: قال عامة العلماء بشرط (أي القبض) والموهوب قبل القبض على ملك الواهب يتصرف فيه كيف يشاء، وقال مالك: ليس بشرط، يملكه الواهب له من غير قبض. اهـ
وعليه، فرجوع والدك عن هبته لابن خالته قبل قبضه لها رجوع جائز، ولا يلزمه دفع شيء مقابل هذا الرجوع إلا بطيبة من نفسه، كما لا يجوز لابن خالته مطالبته بمبلغ من المال مقابل هذا الرجوع.
وقد أجبناك على أساس أن مرادك من قولك (لم تكن في حيازته آنذاك) وقولك (بعد حيازته على الأرض) هو أن هذه الأرض لم تكن في وقت الهبة تحت حيازة أبيك، وبعد أن وقعت تحت يد أبيك تراجع عن الهبة لابن خالته قبل أن يدفعها له، فإذا كان هذا هو مرادك فالجواب هو: ما أسلفناه ، وإن كان المراد هو أن أباك قد تراجع عن الهبة بعد أن حازها ابن خالته (الموهوب له) فإن هذه الهبة نافذة ولا سبيل إلى التراجع عنها بحال ما دام الواهب بالغا رشيدا، وقد بذل مختاراً سالما من الإ كراه المعتبر، وليس من الإكراه المعتبر ما يسمى بالإحراج ونحوه، فالإكراه المعتبر هو التهديد بالقتل أو الحبس أو أخذ المال ظلماً....
والله أعلم.