عنوان الفتوى : لا يثبت الحق على المرء إلا بمحقق
توفيت لي بنت عن 14 عاما في 7 رمضان الماضي وكانت مصابة بمرض سبب لها إعاقة كاملة وفي آخر فترة من حياتها كانت مصابة بالتهاب في الصدر نتج عنه وجود كمية كبيرة من البلغم في الصدر والبلعوم والفم، وكنت أقوم أحيانا بإعطائها شراب بعض الزهورات المغلية كالبابونج للمساعدة في إخراج البلغم.وفي آخر لحظات حياتها كنت أحملها وأنا جالس وأقوم بإعطائها مغلي الزهورات عن طريق السرنجه الطبية بكميات قليلة وأقلبها على بطنها لإخراج البلغم من الفم، إلا أنني في أخر مرحلة أفرغت السرنجه دفعة واحدة وتوفيت بعدها بدقائق، وقد قمت بسؤال طبيبتها إن كان أفراغ السرنجه مرة واحدة تسبب في وفاتها فأفادت بوجود احتمال أن يكون أفراغ السرنجه دفعة واحدة قد تسبب باختناقها ووفاتها، أرجو التكرم بإفادتي برأي الشرع حول الموضوع، وماذا يترتب علي لأكفر عما حدث وحتى يغفر الله لي وتسامحني ابنتي، وهل لو قمت ببعض أعمال البر عنها يصلها الأجر (علما بأنها لم تكن مكلفة بسبب إعاقتها)؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الأصل براءة الذمة ولا يكلف شخص أو يثبت عليه حق إلا بمحقق فإن كان يغلب على ظنك أو ظن أهل الاختصاص أن السبب في وفاة البنت هو إفراغ الحقنة كاملة مما سبب لها الاختناق فإن عليك الكفارة والدية إذا لم يعف عنها الورثة، ومن ذلك ما إذا أخبرتك الطبيبة المختصة أن إفراغ الحقنة كاملة قد يؤدي إلى الوفاة.
والكفارة مبينة في كتاب الله، قال الله تعالى: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا {النساء:92}.
والدية تكون على العاقلة، فإذا لم تكن فعلى بيت مال المسلمين، فإن لم يكن فمن مالك الخاص، وتوزع على ورثة الميتة ولا ترث أنت منها شيئاً، بخلاف بقية أموال الميتة فإنك ترث منها لأنك قاتل بالخطأ فترث من غير الدية، كما ينبغي أن تكثر من أعمال الخير والنوافل.... ولا مانع من أن تهدي لها من ثواب ذلك فإنه يصلها على الراجح من أقوال أهل العلم، ولمزيد من الفائدة نرجو الاطلاع على الفتوى رقم: 56056، والفتوى رقم: 10717.
والله أعلم.