عنوان الفتوى : لا تريد لبس النقاب ولا أن تترك العمل
أنا شاب ملتحي وأحب أن أتقي الله وأخافه وأجاهد نفسي وقد أنعم علي بالهداية بعد الضلال والغفلة وأنعم علي بالعمل وبخير كثير بعد أن كنت تائها في ظلمات الغي والهوى وأحاول أن أتقيه وأتدارك ما فاتني في البقية الباقية من عمري وقد أحببت أن أتزوج لكي أعف نفسي خاصة أني أعمل بشركة في مركز تجاري كبير والشركة التي أنا فيها بها نساء وهن لا يحتجن للعمل ولكن يعملن لأنهن يحتجن للزواج ولا أتعامل معهن إلا للضرورة وأغض بصري عنهن وهن محجبات ويصلين ولكن أنتم تعرفون أن الأفضل هو عدم الاختلاط لكن للأسف كل الأعمال الحالية في بلدنا هكذا فرص العمل قليلة وأنا أنتظر الفرج من الله خلاصة القول فأنا أحببت أن أتزوج وكنت أعرف فتاة منذ الكلية وكنت أحب أن أتزوجها ولكن كنت لا أعمل فصرفت النظر عن الموضوع وخطبت الفتاة ومرت السنين وعملت بعد ذلك بمكان يبعد عن مكان سكني وأسافر بالقطار يوميا ولقيت أن تلك الفتاة تسافر في نفس التوقيت الذي أسافر فيه وعلمت أن خطبتها قد فسخت فأحببت أن أتقدم لها وهي تعمل مهندسة ديكور بشركة كبيرة وهي محجبة ومحترمة وعاقلة وتحب عملها جدا فجعلت أختي تكلمها وتعرض عليها الزواج وكلمت والدها فقال لي هل إن تزوجتها ستجلسها في البيت ولا تجعلها تعمل وهل ستلبسها النقاب فشرحت له أن الأفضل جلوسها في بيتها لأني لا أحب أن تختلط زوجتي بالرجال فإذا كان عملها هكذا فلا أريده وأنا لا أمانع في عملها في أي مكان آخر بشرط أن لا يكون فيه اختلاط وأخاف الله وقلت لها ممكن أن ترتدي الخمار فقال لي إن هذه شروطه وهي تحب أن تعمل وتحب عملها وأنا أصررت على كلامي وانتهى الموضوع وأنا كنت أحس أن الفتاة تريدني ولكني اكتشفت أنهم خائفون أن أكون متشددا ومتعصبا وأحجر عليها وعلى حريتها لأن هذا للأسف ما ينتشر بين الناس في هذه الفترة بسبب الجهل بالدين وعندما يرون أنسأن ملتحيا يأخذون فكرة أنه متعصب ومتشدد وعاب علي والدي وإخوتي أني تكلمت بطريقة خاطئة وأنه كان يجب أن أوافقه على كلامه حتى يطمئن وبعد ذلك آخذ الأمور بالتدريج والمرأة عندما تتزوج ويتقارب الزوجان من بعضهما تسمع كلامه وتوافقه باللين والتفاهم وظروف الحياة ستفرض نفسها عليها لأنها لن تستطيع أن توفق بين عملها وبيتها وبالذات عندما تنجب فتحيرت في أمري.. خصوصا أنها تعجبني فكلمتها ثانية في الهاتف بعلم والدها ووجوده حتى أبين لها أني لست كما تتصور فبان لي من كلامها أنهم فعلا خائفون مني من أن احجر على حريتها وأن أمنعها من أقاربها وأن أجلسها في البيت وأنقبها ولا أسمح لها بالخروج أبدا وممكن أن تعترضني السلطات وأعتقل فبينت لها أن هذا مجرد خيالات عندها وأني لست ضد عملها ولكن أريد أن تتقي الله في وليسأل والدها عني وعن أخلاقي وعائلتي جيدا وبينت لها حكم الإسلام في موضوع العمل وموضوع الحجاب حتى تحدث البركة من الله فقالت لي إنها تعلم هذا كله ولكنها تريد أن تكون كما هي ولا أحجر عليها وتريد أن تعمل ولن تترك العمل مستقبلا لأنها تحب أن تعمل ولا تريد أن تلبس النقاب وقالت إن المرأة المحترمة تجبر الذي أمامها أن يحترمها وتعرف أن طاعة الزوج واجبة وأن حجابها ليس فيه ما يعيب وتعلم أمور دينها فأفهمتها أن الزواج قائم على الود والرحمة وتقوى الله وليس علاقة الند للند وتصيد الأخطاء وقلت لها إني موافق على كلامها هذا ولكن بتقوى الله ولا أمانع أن تعمل مع الالتزام الخلقي والحجاب الذي لا يفتن ولا يبرز ولا يجسم ولا يلفت فقالت ما الذي يضمن لي أنك لن تغير كلامك هذا بعد أن تتزوجني وأنك لن تفرض علي مالا أريده قلت لن أغير وهناك فترة خطبة الإنسان يتعرف فيها على الشخص الآخر وأنا لا أبغي إلا رضاء الله وقلت لها خذي فترة شهر رمضان فكري في الموضوع جيدا فقالت حسنا ولكنك ستكلم والدي بعد ذلك وتعرف منه الرد قلت هو ذلك إن شاء الله وسأحترم قرارك النهائي فكل شيء بقدر وأنهيت فقال لي والدي وأختي أني فعلت الصواب فإذا قدر الأمر جاء الأمر بالتدريج والتفاهم والناس تتغير بعد الزواج عندما يتحملون المسئولية والتمس للناس عذرهم وأنهم لا يفكرون مثلك وأن النقاب ليس بفرض وأن العمل بالتزام لا يضر وهي مناسبة لك فقلت لهم إني لا أريد إلا رضاء الله عني ولا أعلم أني كنت مخطئا أم مصيبا ولكني سأستخير وأدعو الله وفكرت في أن الإقناع ممكن إذا تم التقارب فقال لي والدي لا تجلد نفسك وتضيق على نفسك يا ولدي وإذا كان لك نصيب ستأخذه فهل أنا يا أساتذتي الكرام مخطئ في هذا الأمر أم مصيب فيما فعلت وهل تساهلت في ديني وأغضبت الله وهل سيكلني إلى نفسي حين وافقت على كلامها...أنا في حيرة من أمري فأفتوني أفادكم الله..وأنا آسف على الإطالة جدا .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فتغطية المرأة لوجهها من مسائل الخلاف بين أهل العلم، والذي ذهب إليه المحققون منهم أنه واجب، خاصة في هذا الزمان الذي قل فيه الدين وكثر فيه ا لفساد، وانظر الفتوى رقم: 5224، لكن إذا لم تجد امرأة أكثر تدينا من هذه المرأة فلا مانع من الزواج بها، على أن تحاول إقناعها في المستقبل بارتداء النقاب كما قال لك أهلك، وليكن بأسلوب حكيم ولين حتى تقتنع هي بلبسه من تلقاء نفسها، أما بالنسبة للعمل فإذا لم يكن فيه اختلاط محرم بين الجنسين فلا حرج عليها فيه، بل ربما كان قيامها به فضيلة إذا كان المجتمع بحاجة إليه، وانظر الفتوى رقم: 5181.
وإن كان فيه اختلاط محرم وأصرت على الاستمرار فيه فلا يجوز لك والحالة هذه أن توافق على هذاالشرط لأن فيه عونا على المعصية، وقد قال الله تعالى: وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ {المائدة: 2}. نسأل الله عز وجل أن يوفقك لما فيه الخير والسداد. وراجع الجواب 54643.
والله أعلم.