عنوان الفتوى : صورة لبعض المشاكل التي تنتج من الزواج بغير المسلمات
فضيلة الشيخ: المشائخ، شهر مبارك وكل عام وأنتم وجميع الأمة الإسلامية بخير بعد: سافرت إلى روسيا في 1990 وهناك أسأل الله المغفرة عاشرت فتاة فحملت، فأجهض الحمل فأخبرتها الطبيبة أنها لن تحمل بعد ذلك مما أدى إلى أنها تحرص على أن تحمل ثانية، ففعلت ذلك بعد فترة وجيزة فخشيت الله في قتل جنين آخر بالإجهاض فتزوجتها على الطريقة الروسية وهي حامل، ثم دعوتها للإسلام فأسملت فتزوجتها على الطريقة الإسلامية وعقد لنا نكاحنا طالب عربي بحضور آخرين عرب أيضا وذلك دون موافقة ولي أمرها المسيحي الديانة وأمها الملحدة، ورغبة مني في إخراج تلك الطفلة التي وضعتها إلى بلاد الإسلام بلدي أقنعتها بالسفر معي على أن تعود إلى بلدها مع الطفلة إن لم يعجبها وطني واشتريت لهما تذاكر سفر وعودة مبيتا الاحتفاظ بالطفلة إن هي طلبت العودة، بدأت المشاكل منذ أن كنا في روسيا ولم أحبها أو أرغب فيها كزوجة وما فعلت ذلك إلا من أجل الطفلة وحتى لا أكرر الإجهاض، عدنا معا إلى وطني في 1997 بعد إنهاء دراستي الجامعية ولم يكن راتبي يكفي للمعيشة والسكن المناسب فاستمرت المشاكل وزادت يوما بعد يوم... خلال ست سنوات مررت بكبار المفتين ووصلت بها إلى العلاج النفسي والعلاج بالقرآن الكريم حيث اتضح لي أن بها مسا من الجن فقد نطق الجني عند قراءة القرآن عليها من قبل الشيخ، خلال هذه الفترة طلقتها أربعا وبيان ذلك كما يلي: أعتقد أن الأول والثاني نافذان ولا أذكر تفاصيلهما، أما الثالث فقد كان بحضور قاضي محكمة ابتدائية كان جارا لي حيث طلبت منها أن تسافر معي إلى قريتي لتبقى فيها وإلا فهي طالق فأجاب القاضي بأنه ليس القول قولي وأنه قد يسجنني ولكونها أجنبية، فاعتبرت ذلك فتوى بعدم نفوذ الطلاق ولا أذكر أني أصررت على سفرها بعد ذلك وإلا لكان الطلاق نافذا رغم قول القاضي، ثم بعد ذلك انتقلت إلى منطقة أخرى وسألت قاضيا آخر عن الطلاق الثالث فأجاب أنه لم ينفذ ويتحمله القاضي الأول، وأما الرابع: فكان ذلك عندما كتبنا اتفاقا بيننا بحضور شهود على أن يوثق في المحكمة ما لم فسوف أطلقها وفي المحكمة طلبت من القاضي أن يعتمد الاتفاق وإلا أطلقها ولعل القاضي كان قد أثير من أحد الكتاب أنه لا يجوز تعميد العقد لبعض ما ورد فيه من بنود وذلك لخلاف وقع بيني وبينه حول نفس الموضوع وعندما اطلع القاضي على الورقة قال إنه لن يعمدها فقلت إذا فهي طالق وهذه تذكرة عودة لها كانت معي وأنا مستعد لأي تكليف شرعي تفرضه علي، فقد كنت وقتها أمتلك مبلغا ماليا جيدا، ولكن القاضي أمر باحتجازي دون أن يستمع لشيء مني وبعد أسبوعين من المراجعة طلبني القاضي وقد وافق على التوثيق بشرط أن تبقى الوثيقة عنده كمحل للموضوع فاعتبرت ذلك فتوى بعدم نفوذ الطلاق، ولكن نفسي لم تطمئن فذهبت إلى مفتي الدولة السابق فأجابني بأن لا شيء في ذلك فخرجت من المسجد حيث قابلت المفتي غير مطمئن البال مما جعلني أعود إليه للتو مبديا رغبتي في تكرار
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فجواب سؤالك على النحو التالي:
أما بشأن الزواج على الطريقة الروسية فإنه غير معتبر لعدم وجود الولي الكافر لهذه المرأة التي كانت على الكفر وقيام قاضي الكفار في المحكمة الروسية بعقد النكاح لك لا يصح، قال الإمام الرملي في نهاية المحتاج: لكن لا يزوج المسلم قاضيهم، بخلاف الزوج الكافر لأن نكاح الكفار محكوم بصحته وإن صدر من قاضيهم. انتهى.
وأما النكاح الثاني فإن كانت المرأة بعد إسلامها قد ولت أمرها رجلا من المسلمين ليعقد لها وهي في بلاد الكفر، ولم يكن لها ولي مسلم وكان ذلك بحضور شاهدي عدل ولم يكن بالزوجين مانع من موانع النكاح فإن هذا النكاح صحيح، وقد أفتى العلامة ابن حجر الهيتمي في الفتاوى الفقهية الكبرى بأن المسلمة في مكان ليس فيه ولي مسلم لها ولا قاضي للمسلمين فإنها تولي أمرها رجلا من المسلمين، قال رحمه الله تعالى: لنا أن نتوسط ونقول إن سهلت مراجعة أحدهما أعني الولي أو الحاكم إذا غابا إلى مرحلتين فأكثر تعينت ولم يجز لها أن تولي عدلا يزوجها لأنه إنما جاز لها ذلك للضرورة وعند مراجعة الولي أو الحاكم إن لم يوجد الولي لا ضرورة وإن لم تسهل مراجعة أحدهما بأن فحش بعد محلهما وحقت حاجتها إلى النكاح جاز لها أن تولي مع الزوج أمرها عدلا يزوجها لوجود الضرورة حينئذ، أما إذا قرب محل أحدهما بأن كان دون مرحلتين فلا يجوز لها ذلك مطلقاً. انتهى.
وأما بشأن الطلقة الثالثة فإنك قد علقت طلاق زوجتك على عدم السفر معك إلى قريتك فإن كنت قد سافرت وحدك فقد وقع الطلاق، لأن هذا من الطلاق المعلق الذي يقع بوقوع ما علق عليه وعلى هذا اتفاق المذاهب الأربعة، وقد ذهب شيخ الإسلام ابن تيمية إلى أن الطلاق المعلق لا يعد طلاقاً إذا قصد به المنع من أمر أو الحث عليه وإنما يعتبر يمينا تلزم فيه كفارة يمين بالله ؛ وعلى كل حال فقولك المرة الرابعة طلاق صريح نافذ تتم به الثلاث إن قلنا بأن الثالث غير واقع، وعليه فهذه المرأة لا يحل لك البقاء معها فهي أجنبية عنك لا تحل لك حتى تنكح هذه المرأة زوجا غيرك ، فإذا طلقها الزوج الثاني واعتدت منه جاز لك أن تعقد عليها عقدا جديداً بمهر جديد.
وأما الأولاد فهم أولادك لأنهم إما أن يكونوا عن وطء بشبهة، وانظر الفتوى رقم: 17568 كالبنت الأولى أو يكونوا عن وطء مباح كالولدين الأخيرين إن كانا ولدا قبل طلاق الثلاث.
وأما ما الذي يلزمك اتجاه الأولاد فتربيتهم وتعليمهم والاعتناء بهم والإنفاق عليهم وضمهم إليك وعدم إبقائهم عند أمهم لكونها في بلاد الكفر التي يغلب فيها الفساد والانحراف ولأن أمهم ليست أهلا لحضانتهم، وأما اتجاه الأم فلا يلزمك اتجاهها شيء لأنها لم تعد زوجتك منذ أن طلقتها الطلقة الثالثة إلا أن يكون لها حقوق عليك قبل الطلقة الثالثة، وكذا يجب عليك أن تعيد إليها ما أنفقته على أولادك إن كان قصدها الرجوع عليك بالنفقة، وأما قولك هل أطلقها فنقول لا حاجة إلى تطليقها لأنها لم تعد زوجتك.
وعموماً فنذكرك بالتوبة من الزنا الذي وقعت فيه والندم على ذلك الفعل، واختيار الزوجة الصالحة التي تعينك على طاعة ربك وإصلاح حالك وتربية أبنائك منها أو من الزوجة الأولى، والله نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى.
والله أعلم.