دعوة ذي النون
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
دعوة ذي النونبشارة من بشارات رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أصحاب الابتلاء والأمراض والمِحن، وهي ما سماه النبي صلى الله عليه وسلم بـ (دعوة ذي النون)، هذه الدعوة التي لا تُردُّ بإذن الله، فإلى هذه الدعوة المستجابة - إن شاء الله -:
1- حدَّثنا عبدالله بن سعيد قال: نا أبو خالد الأحمر، قال: نا كثير بن زيد، عن المطلب بن عبدالله بن حنطب، عن مصعب بن سعد، عن أبيه، قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوةَ ذي النون، قال: وجاء أعرابي فشَغَله، فاتبعته، فالتفتَ إليَّ فقال: ((أبا إسحاق))، قلت: نعم، قال: ((فمَهْ؟))، قلت: ذكرتَ دعوة ذي النون، ثم جاء أعرابي فشغلك، قال: ((نعم، دعوة ذي النون إذ نادى في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]، فإنه لم يدعُ بها أحد إلا استُجيب له))[1].
2- عن سعد بن أبي وقاص قال: مررت بعثمانَ بن عفان في المسجد، فسلَّمت عليه، فملأ عينيه مني، ثم لم يردَّ عليَّ السلام، فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، فقلت: يا أمير المؤمنين، هل حدث في الإسلام شيء - مرتين -؟ قال: لا، وما ذاك؟
قلت: لا، إلا أني مررتُ بعثمانَ آنفًا في المسجد، فسلمت عليه، فملأ عينيه مني، ثم لم يردَّ عليَّ السلام!
قال: فأرسل عمرُ إلى عثمان، فدعاه، فقال: ما منعك ألا تكون رددت على أخيك السلام؟ قال عثمانُ: ما فعلت، قلت: بلى، قال: حتى حلف، وحلفت، قال: ثم إن عثمان ذكر، فقال: بلى، وأستغفر الله، وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفًا، وأنا أحدِّث نفسي بكلمة سمعتُها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله ما ذكرتُها قطُّ إلا يغشى بصري وقلبي غشاوة.
قال سعد: فأنا أنبِّئك بها: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة، ثم جاءه أعرابي فشَغَله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتَبِعْتُه حتى أشفقتُ أن يسبقَني إلى منزله، ضربت بقدمي الأرضَ، فالتفت إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((من هذا، أبو إسحاق؟))، قلت: نعم يا رسول الله، قال: ((فمَهْ؟))، قلت: لا والله إلا أنك ذكرتَ لنا أول دعوةٍ، ثم جاءك هذا الأعرابي فشغَلك، قال: ((نعم، دعوةُ ذي النون إذ هو في بطن الحوت: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 87]؛ فإنه لن يدعوَ بها مسلم ربَّه في شيء قط إلا استجاب له))[2].
[1] أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبدالخالق بن خلاد بن عبيدالله العتكي، المعروف بالبزار (المتوفى: 292هـ)؛ مسند البزار المنشور باسم "البحر الزخار"، تحقيق محفوظ الرحمن زين الله، (حقق الأجزاء من 1 إلى 9)، وعادل بن سعد (حقق الأجزاء من 10 إلى 17)، وصبري عبدالخالق الشافعي (حقق الجزء 18)، ط1، مكتبة العلوم والحكم - المدينة المنورة، بدأت 1988م، وانتهت 2009م)، (3/ 363)، حديث ( 1163).
[2] علي بن أبي بكر الهيثمي: "مجمع الزوائد ومنبع الفوائد"، مؤسسة المعارف، 1406هـ، 7 / 71؛ وانظر: زكي الدين عبدالعظيم، المنذري: "الترغيب والترهيب"، تحقيق محمد السيد، ط1، دار الفجر للتراث - القاهرة، 1421هـ، 2/ 395.