عنوان الفتوى : أقوال الأئمة في المسح على الجوربين
بسم الله الرحمن الرحيمما حكم المسح على الجوربين عند الأئمة الأربعة؟ وما دليله والرجاء ذكر أسماء الكتب عند الإجابة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن المسح على الجوربين الخفيفين اللذين لا يمكن تتابع المشي عليهما مختلف في جوازه بين الفقهاء بعد اتفاقهم على جواز المسح على الخفين لثبوت المسح عليهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إن الحافظ ابن حجر قال في الفتح: وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أما المسح على الجورب فالمشهور عند المالكية أنه جائز بشرط أن يكون مجلداً من الظاهر والباطن. قال الشيخ خليل ابن إسحاق المالكي في مختصره: رخص لرجل وامرأة وإن مستحاضة بحضر أو سفر مسح جورب جلد ظاهره وباطنه. انتهى
ويجوز المسح على الجوربين عند الحنابلة، سواء كانا من صوف أو قطن. قال في مطالب أولي النهى: ويصح المسح أيضاً على جورب ضعيف أي رقيق من صوف أو غيره كقطن ووبر نعل أولاً لحديث المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين والنعلين. رواه أحمد وأبو داود والترمذي.
وفي مذهب الأحناف يجوز المسح على الجوربين إن كانا ثخينين أي غليظين. قال في بدائع الصنائع وهو من كتب الأحناف: وأما المسح على الجوربين، فإن كانا مجلدين أو منعلين يجزيه بلا خلاف عند أصحابنا، وإن لم يكونا مجلدين ولا منعلين فإن كانا رقيقين يشفان الماء لا يجوز المسح عليهما بالإجماع، وإن كانا ثخينين لا يجوز عند أبي حنيفة، وعند أبي يوسف ومحمد يجوز، وروي عن أبي حنيفة أنه رجع إلى قولهما في آخر عمره. انتهى
ودليل المسح على الجوربين عند هؤلاء أيضاً حديث المغيرة بن شعبة المذكور أعلاه.
وذكر النووي في المجموع شرح المهذب أن الصحيح من مذهب الشافعي جواز المسح على الجوربين إذا كانا صفيقين يمكن تتابع المشي عليهما وإلا فلا، وهذا يعني أن يكونا منعلين.
قال: واحتج أصحابنا على جواز المسح على الجورب، لأنه ملبوس يمكن تتابع المشي عليه ساتر لمحل الفرض فأشبه الخف، ولا بأس بكونه من جلد أو غيره. قال: والجواب عن حديث المغيرة بن شعبة الذي احتج به من أباح المسح على الجورب وإن كان رقيقاً من أوجه أحدها أنه ضعيف ضعفه الحفاظ.
الوجه الثاني لو صح لحمل على الذي يمكن تتابع المشي عليه جمعاً بين الأدلة. الوجه الثالث حكاه البيهقي: على أنه مسح على جوربين منعلين لا أنه جورب منفرد فكأنه قال مسح على جوربيه المنعلين، وروى البيهقي عن أنس بن مالك ما يدل على ذلك. انتهى بحدف قليل.
ولمزيد الفائدة في هذا الموضوع يرجى مطالعة كتاب فقه السنة للسيد سابق رحمه الله تعالى عند كلامه على مشروعية المسح على الجوربين في الجزء الأول.
والله أعلم.