عنوان الفتوى : من بر الوالدين دفع المال لهما ولو كانا بغير حاجة له
تزوجت في سن صغيرة ،وأنا أكبر أخواتي ، ولدي من الأخوات 6 ومن الإخوان 2، وفي فترة زواجي أكملت دراستي و اشتغلت ، أخواتي 4 منهن متزوجات وخريجات ولكن لم يحصلن على عمل حتى الآن ، ولدي أخ يعمل في الخارج منذ فترة قصيرة ،،، مشكلتي هي أني ومنذ أول راتب استلمته قمت بمساعدة أهلي بالكثير من مصاريف بيتهم ولمدة سنتين متتاليتين ، صحيح أن حق الوالدين كبير ، ولكن أبي اعتمد علي كثيراً لدرجة أنه صرف نصف مهر أختي وجهازها على أشياء غير ضرورية ،، مما جعل أمي تطلبني بأن أقوم بمساعدتهم بمالي ،، جهزت أختي وتحملت ضيق حالهم ،، ولكن بالرغم من أن أمي طلبت مالي على سبيل السلف إلا أنهم لم يرجعوه لي ليومي هذا ،،، المشكلة هي بأني عندما أحسست أني لكثرة ما كنت أساعدهم كنت بالمقابل أهمل بيتي ونفسي وأطفالي أخذت ألمح لهم باني سوف أحاول أن أقتصد أكثر وذلك لحاجة الزمان ،،، مما جعل أهلي بعدها يعاملونني كما لو أني لم أفعل شيئاً حسناً لهم ،،، وبالرغم من أني لم أتفوه بكلمة عما فعلته لأجلهم إلا أنهم وبطريقة لا مباشرة دائما يحسسوني بأني أصبحت غير بارة بهم وأني مهما صرفت فهو فرض علي ،، ووصل الحال في يوم من الأيام بأمي لأن تقول لي ولسبب تافه وهو أني قلت لهم بأن لا يجعلوا أخي الصغير الغير حاصل على رخصة السواقة أن يسوق سيارتي اخرجي من بيتي وكل فلس دفعته سوف نرجعه لك ،، المشكله هذه مضت و قلبي لم يحمل الغضب تجاههم الا أني مستغربة بالرغم من أن لي أخوات متزوجات ظروف أزواجهن أحسن من ظروف زوجي إلا أن أهلي دائما يركزون على أحوالي وعلى اموالي اين ذهبت وفي ما أنفقتها وأنا غير قادرة على فك هذا الحصار ،،، وإخوتي بلا استثناء لا يساعدون أهلي بشيء فهل احساسي بأني مظلومة خطأ فادح ..؟؟؟؟ وهل هذا الاحساس يفسد ثواب الأعمال التي عملتها ،،؟؟؟ وهل يجوز للأهل أن يركزوا ويضعوا اللوم دائما على واحد وينسون أبناءهم الباقيين ؟؟؟؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلمي أيتها الأخت الفاضلة أن بر الوالدين في المعروف من آكد الحقوق والواجبات وأعظم القربات قال الله تعالى ووصينا الإنسان بوالديه إحساناً وقال سبحانه وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحساناً.
وعلى هذا فندعوك إلى بذل الجهد قدر المستطاع في البر بوالديك ومن ذلك خدمتهما وحسن صحبتهما وبذل المال لهما تطييباً لخاطرهما وكسب ودهما ورضاهما ولو كانا في غير حاجة إلى ذلك طلباً للأجر من عند الله تعالى ثم رضاهما لقول النبي صلى الله عليه وسلم رضا الرب في رضا الوالد وسخط الرب في سخطه رواه الترمذي وابن حبان والحاكم وصححه.
أما إن كان الوالدان في حاجة إلى النفقة وليس عندهما مال فالواجب عليك نفقتهما من مالك ويشارك في ذلك أخوك وأخواتك إن كان لديهم مال مثلك.
ولو اتفقت أنت وإخوتك على دفع مبلغ معين شهرياً للوالدين يتحمل كل منكم دفع جزء منه لكان ذلك حسناً لأنكم بذلك تجمعون بين بر أبويكم وبين عدم الإضرار بأحدكم.
وبخصوص ما ذكرت من عدم اعتراف أبويك بالجميل الذي تقدمينه لهم فلا تلتفتي إلى ذلك، وليكن همك رضا الله تعالى في ذلك، وإياك أن يصدر منك قول أو فعل نحو أبويك غير الإحسان إليهما والتوقير، بل عليك دائماً أن تقابلي إساءتهم لك بالإحسان.
ولا يضرك بعد ذلك ما تشعرين به من إحساس بظلمهم لك ما دام ذلك لم يترجم إلى قول أو فعل، وإن كان الأولى بك محاولة التخلص من هذا الإحساس.
هذا وندعو أبويك إلى أن يتقيا الله فيك ولا يتسببان في عقوقك لهما ومن ذلك تفريقهما بينك وبين إخوتك في التعامل، ونذكرهما بما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن الشعبي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: رحم الله والداً أعان ولده على بره .
ولا يلزمك نفقة أقاربك غير الوالدين والأولاد.
والله أعلم.