عنوان الفتوى : لا يجب تنفيذ وصية الأم لابنتها بعدم الزواج من فلان
أنا شاب مسلم والحمد لله، وفضلاً من الله ملتزم وأحاول إكمال ديني بالزواج، تعرفت على فتاة من بلد آخر وبعد التكلم وتبادل الآراء عبر الهاتف زادت معرفتي بها وأحببتها جداً أن تكون زوجتي وهي كذلك لدرجة حب وعشق وأخذنا عهد الله شاهد عليه أن نكون لبعض بإذن الله وعندما قلت لها إني أريد أن أنزل بلدها لطلب يدها على كتاب الله وسنة رسوله، للأسف أمها رفضت حضوري لطلب يدها، وتقول إنها بلد وغربة وأخاف عليك إن حدثت مشكلة من لك هناك ببلده، أنا والفتاة تفاهمنا على كل شيء وأمها كانت تريد لها أن تتزوج قريباً لها لأسباب أمها اختارتها ومنها أنه غني وأنه من أقربائها وإن حدث شيء بينهم تكون قريبة من العائلة، مع العلم أن البنت قالت لها مراراً إنها لا تفكر بأحد زوجاً لها إلا أنا، وتعتبر قريبها مثل أخيها وكل عائلتها أصبحت تعرف بموضوعنا وأننا نريد بعضا على كتاب الله وسنة رسوله بعد ذلك انكشف قريبها على حقيقته وأمها أحست بالندم ورفضت قريبها، والبنت كلمت أمها مرة أخرى بموضوعي وقالت إنها موافقة أن تقابلني أخيراً وللأسف بعد الموافقة كنت بعدها سأنزل بلدهم وفي هذه الأثناء الأم كانت تجري عملية وأثناء العملية كتب الله أن تنتقل إلى رحمته وأثناء موتها بنتها كانت بجانبها، لا أعرف من خوفها على بنتها قالت لها لا تتزوج قريبها ولا أنا، ومن بعدها البنت مهمومة وتقول ما راح أتزوج بتاتاً ولا تتزوجني من أجل وصية أمها، أهذا ظلم بوصية أمها، وتعلقنا الشديد ببعض لدرجة أني لا أفكر أن أتزوج غيرها، كيف سأتزوج فتاة ثانية، ولا سمح الله أنطق باسم هذه الفتاة أكيد أدمر أسرتي وهي كذلك لو نطقت اسمي أمام زوجها لو تزوجت، وكيف سنكون مرتبطين بآخرين ومشاعرنا لبعض، أو بقينا مفترقين وكل واحد على عهده وكتب الله أن نتقابل نخاف أن نرتكب معصية لا سمح الله، وهل تجوز وصية كهذه الوصية وفيها إجحاف وظلم لنا ونحن نريد شيئاً مرضاة لوجه الله وهو شيء مقدس وعبادة بنفس الوقت، وهناك إيجاب وقبول مني ومنها وعمري وعمرها 29 سنة، أرجو منكم أن تساعدوني بهذا الأمر إن الفتاة إن خالفت طلب أمها أو باعتبار وصيتها لها تعتبر مخالفة لأمر الله، مع العلم بأنه ظلم لنا ويحصل لنا ضرر شديد من جراء العمل بالوصية ضرر كبير من كل النواحي، والعمل الذي نقدم عليه مرضاة لله، على كتابه وسنة رسوله، ونخاف من حلول الفساد وارتكاب معصية لا قدر الله، أرجو أن تجيبوني؟ جزاكم الله كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أنه لا يجوز للمسلم أن يكون على علاقة عاطفية مع امرأة أجنبية عليه، لأن ذلك ذريعة إلى الفتنة والفساد، وراجع الفتوى رقم: 30003.
وأما تنفيذ هذه البنت لوصية أمها بعدم زواجها منك أو من قريبها، فإنه وإن كان من البر بالأم إلا أن ذلك ليس بواجب على هذه البنت، فيجوز لها الزواج منك أو من غيرك، وتراجع الفتوى رقم: 30304 وهذا فيما يتعلق بهذه البنت.
وأما أنت فإن كانت هذه البنت على دين وخلق، وتيسر لك الزواج منها فالحمد لله وإلا فالواجب عليك أن تتقي الله تعالى وتصرف قلبك عن التفكير فيها، ودفع ما قد يطرأ من خواطر في ذلك، ولعل الله تعالى ييسر لك من هي خير منها، وقد قال الله تعالى: وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ {البقرة:216}، وخاصة أنك لا تعرف هذه البنت معرفة حقيقية، ثم إنه قد تختلف العادات بين بلديكما فيكون لذلك آثار غير محمودة.
وننبه إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: أن اعتبار هذه البنت قريبها كأنه أخ لها، ليس بمانع شرعاً في زواجه منها، ما لم يوجد مانع شرعي من رضاع ونحوه.
الأمر الثاني: أنه لا ينبغي لهذه البنت الإعراض كلية عن الزواج، لأن الشرع قد رغب فيه، وتراجع الفتوى رقم: 30432.
الأمر الثالث: أن الولي شرط لصحة الزواج، فلا تكفي موافقة المرأة دون إذن وليها، وتراجع الفتوى رقم: 2843.
الأمر الرابع: أن أهل العلم قد اختلفوا في العهد مع الله هل هو يمين أو لا؟ وقد ذكرنا اختلافهم في ذلك بالفتوى رقم: 29746، والأحوط والأبرأ للذمة أن يكفر المسلم كفارة يمين، إذا لم يف بالعهد.
والله أعلم.