عنوان الفتوى : أخذ الموظف عمولة مقابل توجيهه المراجعين للتعامل مع شركة بعينها
تم تشكيل لجنة للرقابة على المشاريع في دولة مجاورة، وكنت عضوا فيها بحكم موقع عملي، وكنا نزور المشاريع، ونضبط المخالفات -عملنا في اللجنة ضبط المخالفات-، وكنا نتقاضى لقاء وجودنا في اللجنة مبالغ رمزية وغير منتظمة الصرف، وليست محددة، أو مربوطة بعدد كشوفات، أو مدة زمنية، وهي أشبه بمكافاة رمزية. بعض المخالفات كانت تتضمن عدم وجود مكتب، أو شركة مشرفة على المشروع.
بعض أصحاب المشاريع كانوا يراجعوننا لمعرفة المطلوب، وكنا نوجههم لبعض الشركات، أو المكاتب لتوقيع عقود إشراف معها، ونوجههم بخصوص أي مخالفات أخرى لمعالجتها.
علما أن هذا التوجيه ليس من صلب عملنا في اللجنة، أو حتى عملنا الرئيسي، لكنّ البعض كان يراجع لمعرفة المطلوب منه أو لتوجيهه، أو لأنه لم يجد شركة أو مكتبا مناسبا .... إلخ.
علما أنه ليس لدينا سلطه لإجبار أي شخص على التوجه لأي شركة، أو مكتب، وتوجيهنا لا يتجاوز النصح والتوجيه والإقناع.
أحد المكاتب عرض علي نسبة ثابتة من الربح الذي يحققه بتوقيع أي عقد يتم تحويله له من خلالي. علما أنه كان يوفر أسعارا مساوية لأسعار السوق وأقل من أسعار السوق أيضا. وبالتالي فمالك المشروع أيضا مستفيد بالحصول على سعر طبيعي أو أقل من سعر السوق، وصاحب الشركة مستفيد بالحصول على عقود وعمل أكبر. وأنا أستفيد من ذلك أيضا بموافقة الشركة، ودون إلحاق الضرر بمالك المشروع، أو رفع السعر عليه.
هل يجوز لي شرعا أخذ أي نسبة من المكتب أو الشركة التي أوجه المالك لها وأقنعه بها؟ علما بأنني كنت أخبر المالك بوجود المكتب، وأعلمه بالسعر وكان السعر مساويا لسعر السوق أو أقل، ولا يوجد ما يلزمه بالذهاب لها.
وفي حال عدم جواز ذلك. ما حكم أي مبالغ تقاضيتها سابقا، علما أنني كنت أدرج ما أقوم به تحت بند السمسرة. وقرأت عن جوازها ضمن ضوابط، على موقعكم؟
وإذا كانت هذه العقود أحيانا غير مرتبطة بإشراف فعلي على المشروع، وهي مجرد عقود رسمية لتجاوز المخالفات، وذلك باتفاق المالك والشركة. هل عليَّ إثم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتوجيه أصحاب المشاريع ليس من جملة عملك في اللجنة، الذي تتقاضين عليه تلك المكافأة.
لكنه ربما يفضي إلى بعض المفاسد.
منها: إحالة من لا تنبغي إحالته طمعا في العمولة، أو التغاضي عن أصحاب المشاريع فيما يستقبل ممن قبلوا إشراف تلك الجهة عليهم.
وقد يسري هذا النوع من التعامل إلى باقي الموظفين في تلك اللجنة، فيكون سببا لخلل عظيم ومفسدة كبيرة من محاباة، أو تغاض عن مخالفات أصحاب المشاريع التي توقع عقودا مع تلك المكاتب والشركات.
وبالتالي، فلا نرى للعامل في تلك اللجنة مشروعية التعاون مع تلك المكاتب والشركات في ذلك، سَدًّا للذريعة.
وسد الذرائع معناه عند أهل العلم: منع الأمر المباح في الأصل، أو الظاهر؛ لكونه قد يتوصل به إلى حرام، أو يؤول إليه.
وقد أخذ بهذا الأصل الإمام مالك، والإمام أحمد، ومن وافقهما.
قال العلوي في مراقيه:
سَدُّ الذَّرائع إلى المُحَرَّم حَتْم كَفَتْحِها إلى المُنْحَتِم.
وللمزيد، انظر الفتوى: 51407
والله أعلم.