عنوان الفتوى : أحكام أخذ المهندسين عمولة من أصحاب الأجهزة الزراعية العاملين في الأرض
أعمل بشركة زراعية، يقوم المهندسون الزراعيون بالاتفاق مع أصحاب الحصادات، والحراثات، والأجهزة الزراعية الأخرى من اللبانات، وخلافه على أن يقوموا بالعمل في الأراضي الزراعية التابعة للشركة، مثل أن يقوم بحرث الأرض، أو حصاد المحصول مقابل أجرة. يقوم المهندسون بأخذ عمولة من أصحاب الأجهزة الزراعية العاملين بالأجر داخل أراضي الشركة مقابل أن يجعلوهم يعملون بالأرض. مثال: يتفق مع عامل الحصادة على حصاد 20 هكتارا مقابل 60 ريالا للهكتار، تصبح أجرة العامل 1200، يأخذ المهندس عمولة من العامل ما يقارب 200 ريال مثلا مقابل تركه يعمل في أراضي الشركة، وهكذا عند تحميل السيارات للمحاصيل يأخذ من كل سيارة 100 ريال مقابل تركها تعمل داخل الشركة. بالتأكيد يقوم بكل ذلك، ولا يخبر به أحدا، لكن عندي علم بذلك، وجميع الموظفين عندهم علم بذلك. هل يقع عليه ذنب في ذلك؟ هل أنا، كمحاسب مالي مشارك في هذا الذنب؟ علما بأني اتخذت كل الإجراءات لإيقاف ذلك، لكن لم أستطع، حتى الآن، وما حكم المحاسبين الذين يأخذون من الموردين عمولة مقابل شراء المنتجات من عندهم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز للموظف في شركة أخذ عمولة من عملاء شركته نظير عملهم فيها، إلا بإذن الشركة؛ لأن الموظف في حكم الوكيل عن شركته في معاملة عملاء الشركة، والهدية -فضلا عن العمولة- تكون للموكل، لا الوكيل.
قال ابن قدامة في المغني: قال أحمد في رواية مهنا: إذا دفع إلى رجل ثوبًا؛ ليبيعه، ففعل، فوهب له المشتري منديلًا، فالمنديل لصاحب الثوب. إنما قال ذلك؛ لأن هبة المنديل سببها البيع، فكان المنديل زيادة في الثمن، والزيادة في مجلس العقد تلحق به. اهـ.
وقال البهوتي في شرح منتهى الإرادات: هبة بائع لوكيل اشترى منه، كنقص من الثمن، فتكون لمشتر، ويخبر بها. اهـ. وانظر للفائدة الفتاوى: 8321، 32324، 120533.
وبذلك يعرف أنه لا يجوز للمهندسين الزراعيين أخذ عمولة من أصحاب الآلات، ولا للمحاسبين أخذها من الموردين، إلا بإذن الشركة.
أما الموظفون الذين يعلمون بذلك، ولا يفعلونه، ولا يشاركون فيه، ولا يعاونون عليه، فلا حرج عليهم من ذلك. وإنما يطلب منهم السعي في تصحيح الوضع، والنهي عن المنكر بقدر طاقتهم، ويبقى بعد ذلك الذنب على مرتكبه دون غيره، كما قال تعالى: وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْمًا فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ {النساء: 111}.
قال الطبري في تفسره: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يأت ذنبًا على عَمْدٍ منه له، ومعرفة به، فإنما يجترح وَبَال ذلك الذنب، وضُرَّه، وخِزْيه، وعاره على نفسه، دون غيره من سائر خلق الله. اهـ.
وقال القرطبي في الجامع: (فإنما يكسبه على نفسه)، أي عاقبته عائدة عليه. اهـ.
وقال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ {المائدة: 105}، وقال سبحانه: لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ {النساء: 84}.
قال الواحدي في الوجيز: أَيْ: إلاَّ فعلَ نفسك. على معنى: أنَّه لا ضرر عليك في فعل غيرك. اهـ.
والله أعلم.