عنوان الفتوى : أحكام المطلقة الرجعية وإرجاعها، وتنازلها عن مؤخر صداقها ثم مطالبتها به

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

هل مبيت الزوج المطلق، عند طليقته الرجعية، واجب، وخصوصا أنه لا يبيت عندها، تفاديا للمشاكل؟
وهل النفقة واجبة عليه خلال عدتها، خصوصا أنها تخرج دون إذنه ودون علمه، وفي حال وجوده أيضا تخرج وتعاند وتصرخ؛ لكي تخرج، ولا تَأْبَهُ لوجوده إطلاقا. وأهلها يشجعونها على ذلك، وذلك بحجة أنه ليس له عليها أي حقوق إطلاقا؟
وهل من حقه إرجاعها لعصمته دون رضاها، أو علمها خلال عدتها؟
ومؤخر صداقها الذي تنازلت عنه برضاها، ودون طلب من أي شخص كان، ودون ضغط إطلاقا. هل يكون هذا المؤخر حقا لها في حال إرجاعها؟
وجزاكم الله خيرا.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا يجب شرعا على الزوج المبيت عند مطلقته الرجعية، بل هنالك خلاف بين الفقهاء فيما إن كان ذلك جائزا في حقه أم لا. وسبق بيان ذلك، في الفتوى: 144101.

والرجعية في حكم الزوجة في كثير من أحكامها، فلها حقوق على زوجها، وكذلك له حقوق عليها، ومن ذلك: الاعتداد، ولزوم بيت الزوجية، وعدم الخروج منه بغير إذنه، فإن خرجت بغير إذنه فهي ناشز، فلا تجب عليه نفقتها إلا أن تكون حاملا.

وتراجع الفتوى: 292666، والفتوى: 193987، وللفائدة يمكن مطالعة الفتوى: 162371.

والرجعة حق للزوج، فمن حقه إرجاع المطلقة الرجعية دون علمها، أو رضاها.

قال ابن رشد في بداية المجتهد: وأجمع المسلمون على أن الزوج يملك رجعة الزوجة في الطلاق الرجعي ما دامت في العدة، من غير اعتبار رضاها؛ لقوله تعالى :( وبعولتهن أحق بردهن في ذلك). انتهى.

وإن كانت المرأة بالغة رشيدة، وتنازلت لزوجها عن المؤجل من مهرها، فليس لها المطالبة به؛ لأن صاحب الحق إذا أسقط حقه سقط، وبرئت ذمة صاحبه، فليس له المطالبة به مرة أخرى.

جاء في درر الحكام شرح مجلة الأحكام: الساقط لا يعود: يعني إذا أسقط شخص حقا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها، يسقط ذلك الحق، وبعد اسقاطه لا يعود. انتهى.
وننصح بالصلح ما وُجد إلى ذلك سبيل، فالصلح خير، وخاصة إن كان الزوجان قد رزقا الأولاد، ففي فراق الأبوين ضرر كبير عليهم في الغالب، ومن أجل هذا ذهب بعض الفقهاء إلى أن الأصل في الطلاق التحريم، وأنه يجوز عند الحاجة.

قال ابن عابدين في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص.

فإذا كان بلا سبب أصلًا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقًا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها؛ ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ...

فحيث تجرّد عن الحاجة المبيحة له شرعًا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلًا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.

والله أعلم.