أرشيف المقالات

أحكام التيمم

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
أحكام التيمُّم


الحمدُ لله الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى بالله شهيدًا، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إقرارًا به وتوحيدًا، وأشهد أن محمدًا عبده ورسولهصلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فإن التيمُّم له أحكام يجب على المسلم أن يعرفها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
معنى التيمُّم:
التيمُّم لغة: القصد.
قال الله تعالى: ﴿ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ ﴾ [البقرة: 267].
وقال سبحانه: ﴿ فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا ﴾ [النساء: 43].

التيمُّم شرعًا:
مسحُ الوجه واليدين بشيءٍ من الصعيد (وجه الأرض)؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 310).

مشروعيَّة التيمُّم:
التيمُّم مشروعٌ؛ بالكتاب والسنَّة والإجماع.
أما في القرآن: فقوله تعالى: ﴿ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ ﴾ [المائدة: 6].

أما في السنَّة:
فقد روى الشيخانِ عن عمران بن حصينٍ الخزاعي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا معتزلًا لم يصلِّ في القوم، فقال: ((يا فلانُ، ما منعك أن تصلي في القوم؟))، فقال: يا رسول الله، أصابتني جنابة ولا ماء، قال: ((عليك بالصعيدِ؛ فإنه يكفيك))؛ (البخاري حديث 348 / مسلم حديث 1535).
وأما الإجماع: فقد أجمعت الأمة على جواز التيمُّم؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 310).

الأسباب المُبِيحة للتيمم:
يُشرع التيمُّم لمن لم يجد الماء بعد أن يبذل قصارى جهده في طلبه، أو لمن وجد الماء ولكنه يخاف من استخدامه بسبب جِراحه أو مرضه أو تأخر الشفاء، أو إذا كان الماء شديد البرودة ولا يستطيع تسخينه، أو كان معه ماء ولكنه يحتاج إليه في طعامه وشرابه؛ (فقه السنة للسيد سابق جـ 1 صـ 96: صـ 98) (منهاج المسلم - صـ 157).

الصعيد الذي يُتيمَّمُ به:
يجوز التيمُّم بالتراب الطاهر، وكل ما كان من جنس الأرض؛ كالرمل، والحجر؛ (الاستذكار لابن عبد البر جـ 3 صـ 157)، (فتاوى ابن تيمية جـ 21 صـ 364).

صفة التيمُّم:
روى الشيخان عن عمار بن ياسرٍ، قال: ....
أجنبتُ فلم أصب الماء، فأما أنت فلم تُصلِّ، وأما أنا فتمعَّكت (تمرَّغت) فصليت، فذكرت للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما كان يكفيك هكذا))، فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بكفيه الأرض ونفخ فيهما، ثم مسح بهما وجهه وكفيه؛ (البخاري حديث 347 / مسلم حديث 368).

ما يباح به التيمُّم:
التيمُّم بدل الوضوء والغسل عند عدم الماء، فيباح به ما يباح بهما؛ من الصلاة ومس المصحف والطواف حول الكعبة، وغير ذلك، ولا يشترط لصحة التيمُّم دخول وقت صلاة الفريضة، فيجوز التيمُّم قبل وقت الصلاة؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 330).

نواقض التيمُّم:
(1) ينقض التيمُّمَ كلُّ ما ينقض الوضوءَ؛ إذ هو بدل عنه.
(2) وجود الماء لمن فقَده، والقدرة على استعماله لمن عجز عنه، قبل أن يدخل في الصلاة أو أثناءها،وأما إذا فرغ من الصلاة، فقد صحت صلاته، ولا إعادة عليه؛ (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 347)، (المحلى لابن حزم جـ 2 صـ 126).

روى أبو داود عن أبي سعيدٍ الخدري، قال: خرَج رجُلان في سفرٍ، فحضرت الصلاة وليس معهما ماء، فتيمَّما صعيدًا طيبًا، فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة والوضوء، ولم يُعِدِ الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يُعِدْ: ((أصبتَ السنَّة، وأجزأتك صلاتك))، وقال للذي توضأ وأعاد: ((لك الأجر مرتين))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود للألباني حديث 327).

حُكم مَن كان عنده ماء ولكن لا يكفي لغَسل كل الأعضاء:
وجب عليه أن يستعمل الماء الموجود فيما يكفي من الأعضاء، ويتمَّم لما بقيَ؛ لقوله تعالى: ﴿ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ﴾ [التغابن: 16]؛ (المحلى لابن حزم جـ 2 صـ 137)، (فتاوى اللجنة الدائمة جـ 5 صـ 337: صـ 338)، (المغني لابن قدامة جـ 1 صـ 337).

روى الشيخانِ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((دعوني ما تركتُكم؛ إنما هلَك مَن كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتُكم عن شيءٍ فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمرٍ فأتوا منه ما استطعتم))؛ (البخاري حديث 7288 / مسلم حديث 1337).

حُكم التيمُّم للجُنب إذا خشي خروج الوقت:
إذا استيقظ المسلم وعليه جنابة، وجب عليه أن يغتسل ويصلي، ولو بعد خروج الوقت؛ وذلك لأن النائمَ يكون وقتُ الصلاة في حقه هو وقتَ استيقاظه من النوم؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية جـ 21 صـ 469).

حُكم التيمُّم بالنسبة للميت:
إذا مات مسلم وعُدم الماءُ، فإننا نيمِّمُه؛ لأن غسله واجب، والتراب طَهور إذا عُدم الماء، أو عجزنا عن استخدامه؛ (المحلى لابن حزم جـ 2 صـ 158).

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمدٍ، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢