عنوان الفتوى : إرشادات للمرأة التي ينالها الأذى من أخت زوجها
أنا متزوجة، وأقطن في بيت أهل زوجي، والداه قد تُوفِّيا، لديه أخوات متزوجات، وواحدة غير متزوجة، تسكن معنا. يأتيها من يخطبها، ولكنها ترفض كل مرة، حتى أصبحت في سن 50.
عاملتها أفضل من أولادي، بالرغم من أنها أكبر مني سنا، في كثير من المرات كانت تخطئ في حقي، ولكنني أنا من تطلب الاعتذار.
في يوم ما مرضت، ولم تستطع حتى النهوض من فراشها لمدة سنة. سخرني الله لأكون بجانبها، ووقفت معها مدة مرضها أنا وأخوها، بالرغم من أن زوجي لا يعمل كل يوم، بل أحيانا، وحتى إنه كان يستدين لأجلها، وكنت أنا أحرم أولادي ونفسي من بعض الأمور، فقط لأُرْضيها، وأوفر لها عيشا رغيدا.
أخواتها لم يقفن معها، وأصبحن يتهرَّبْن من المسؤولية.
حين شفاها الله، وأصبحت تقف وتتكلم، اتهمت أخاها بأنه سيستولي على المنزل رغم أنه منزل ورثة. وأصبحت تتكلم معي بطريقة مستفزة، وعيرتني بأنني سرقت أخاها، وأنني استوليت على المطبخ، وأنها كانت تأكل ما أطبخ لها فقط لتعيش، وأن كل الأثاث الذي اشتراه أخوها فقط لأجل الاستيلاء على البيت!!
وقالت إن أخاها سيدخل جهنم، بالرغم من أنه وقف بجانبها لمدة 11 سنة، وهو يصرف عليها تأكل وتشرب، وهو المسؤول عن فواتير المنزل.
قلت لها: تكلمي معه إذا، وقولي له ما تقولينه لي؛ لأنني سئمت من كلامك عنه أمامي، فدافعت عن زوجي.
اتهمتني بالنميمة، وأنني أحكي كل شيء لزوجي. وحين دخل زوجي اشتكيت له، وقلت: ضع بيني وبينها حدا، فأنا لا أريد بعد اليوم أن أكلمها.
وفعلا هذا ما يحدث، ولأنني لست شخصا منافقا إذا تكلمت قلت الحقيقة في الوجه، فاتهمتني أنني نمامة، وعلى زوجي أن يطلقني، وقالت له بالحرف الواحد: طلقها فهي تذهب إلى الرجال الذين تعرفهم، وهي كاذبة، حاشا أن أكون خائنة لزوجي.
هذا الأمر جعلني مصدومة لم أستطع الرد، واكتفيت بقول: حسبي الله، ونعم الوكيل. والآن كل منا في غرفته، لأنها أهانتني فعلا، فوضعت حدا لعلاقتي معها.
فما التصرف المطلوب مني شرعا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله -تعالى- أن يعافيكم في دينكم ودنياكم. ونوصيك -أختنا السائلة- بهذه الأمور:
أولا: الصبر، فالصبر له عواقبه الحميدة، وفضائله كثيرة، سبق وأن بيناها في الفتوى: 18103.
ثانيا: الإكثار من الدعاء، والتضرع إلى الله -سبحانه- أن يصلح ما بين زوجك وأخته، وما بينك وبينها.
فالله -عز وجل- قد أمر بالدعاء، ووعد بالإجابة، فقال: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ {غافر:60}.
ثالثا: الإكثار من ذكر الله -تعالى- فالذكر يُقوِّي القلب، وبه تهدأ النفس، كما قال الله تعالى: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
رابعا: بذل النصح لهذه الأخت بالرفق والحسنى، والاستعانة في ذلك بأهل الفضل والعقلاء من الناس، وخاصة من يرجى أن يكون لقوله تأثير عليها، فعسى أن تعود لرشدها وتسلك مسالك الصواب.
خامسا: إن آذتك واتهمتك في عرضك، ونصحت ولم تنتفع بالنصح، فلك الحق في هجرها إن رجوت أن يكون في الهجر مصلحة راجحة، وإلا فقد تكون المصلحة في الصبر والوصال، رجاء تأليف القلب.
ودفع الإساءة بالإحسان يرجى أن تكون عاقبته خيرا، قال الله سبحانه: وَلَا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ {فصلت:34}.
قال ابن كثير في تفسيره: أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبّتك، والحنوّ عليك؛ حتى يصير كأنه وليّ لك حميم، أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك... انتهى.
سادسا: من حقك على زوجك أن يوفر لك مسكنا مستقلا لا يلحقك فيه حرج، فلا يلزمك شرعا السكنى مع أي من أقاربه.
ولا يلزم أن يكون مالكا لهذا المسكن، بل يجوز أن يكون مستأجرا ونحو ذلك.
قال الخطيب الشربيني -الشافعي- في مغني المحتاج: ولا يشترط في المسكن كونه ملكه قطعًا، بل يجوز إسكانها في موقوف، ومستأجر، ومستعار. اهـ.
فيمكنك التفاهم مع زوجك حول هذا الأمر.
والله أعلم.