شركاء في تربية الأبناء
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
إن المتأمل في تربية الأولاد يجدها من أصعب المهام لأن الفرد هو عماد المجتمعات والأمم وسر نهضتها والمسلم يعتني بتربية أولاده أو من لهم حق التربية عليه لأنه راعٍ ومسئول عن رعيته، وسيحاسب على ذلك أمام ربه - سبحانه وتعالى -، هذه واحدة، والثانية أنه يبتغي بذلك الأجر والمثوبة من الله - عز وجل -.والثالثة: أنه بحسن تربية ولده فإنه يقدم للأمه وللإنسانية فردا صالحا مصلح يشكل لبنه في بناء الأمة وخطوة نحو تكوين البيت المسلم القدوة ثم المجتمع المسلم.
والرابعة: أن الولد الصالح حسن التربية هو زخر لمن رباه يوم لقاء الله وسببا في مدد والده بالخير والحسنات حتى بعد موته كما في حديث النبي صلي الله عليه وسلم: (إذا مات بن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث..منها ولد صالح يدعو له) وبالعكس من يفرط في تربية أولاده ويقصر في رعايتهم فهو مضيع للأمانة مفرط في حق الرعية، محروم من الخير الكثير، وسيسأل أمام ربه عن ذلك، فقد ورد في الحديث الشريف? إن الله سائل كل راع عما استرعاه حفظ أم ضيع?، وأيضا ورد عنه? كفى بالمرء إثما أن يضيع من يعول?.
المسئولية المشتركة:
والمدرسة والبيت شركاء في تربية الأولاد فكل منهما مكمل للآخر ومتضامن في المسئولية، فليس من الصواب أن يتصور الآباء أن المدرسة وحدها هي المسئولة عن تربية الأولاد، أو تتخلى المدرسة عن مسئوليتها التربوية، لذلك وجب على الآباء والأمهات أن يتحملوا مسئوليتهم مع المدرسة في تربية أولادهم وذلك من خلال:
1- التردد المستمر على المدرسة والسؤال عن الأولاد تربوياً وتعليمياً.
2- التواصل الدائم مع المعلمين والمعلمات القائمين على تربية الأولاد.
3- التفاعل مع أنشطة المدرسة ودفع الأولاد إلى المشاركة فيها.
4- مشاركة المدرسة بالمقترحات والجهود التي تجود العمل وتطوره، مما يعود بالفائدة علي أبنائنا وبناتنا.
5- تربية الأولاد على احترام المعلمين والتواصل مع الزملاء والحفاظ على النظام المدرسي.
6- أن يتمثل الآباء والأمهات القدوة الحسنة في نفوس أبنائهم.
وبذلك ينشأ الأولاد وقد نما في نفوسهم حب العلم واحترام المعلم، والتمتع بحسن الخلق والمعاملة الحسنة، وهذا بفضل الجهود المشتركة بين البيت والمدرسة، فكيف يتربى الأبناء والبيت لا يرعى ما تبنيه المدرسة، أو كيف يستقيم الأولاد والمدرسة لا ترعى جهود البيت في التربية.
إذاً لا بد أن تتوحد الجهود ونستشعر جميعاً المسئولية، من أجل تربية جيل صالح ينفع نفسه ووطنه وأمته.
عليكم بالقدوة:
ومن أعظم وسائل التربية تأثيراً في النفوس (بالقدوة)، لأن المربي هو المثل الأعلى لأولاده سواءً كان والداً أو معلماً، فالابن يقلد والده في سلوكه وأخلاقه عن قصد أو عن غير قصد، فبالقدوة يتعلم الابن الصلاة ويواظب عليها عندما يرى والديه يواظبان على أدائها في أوقاتها، وكذلك باقي العبادات.
وبالقدوة يتعود الطفل على أداء الحقوق كاملة، كحقوق الوالدين والمعلمين والأقارب والجيران.
وبالقدوة ينشأ الابن ويربى على الصفات الحميدة والأخلاق الطيبة التي وجدها في والديه ومعلميه، ولذلك فالطفل الذي يرى والده صدقاً لا يمكن أن يتعلم الكذب ، من هنا وجب علينا أيها المربون من آباء وأمهات ومعلمين أن نتمثل القدوة في عباداتنا وأخلاقنا ومعاملاتنا حتى يتربى أولادنا على كل ما هو صالح ونافع وصدق الشاعر حين قال:
يا أيها الرجـل المعـلم غيــره *** هـلا لنفسك كــان ذا التعــليم
تصف الدواء لذي السقام وذي الضنى *** كي ما يصح به وأنت سقيم
إبـدأ بنفسـك فانهها عن غيها *** فــإذا انتهت منـه فأنت حكيـــم
لا تنه عن خلق وتـأتي مثله *** عار عليك إذا فعـلت عظــــــيم
والقدوة من أبرز وسائل التربية أثرا لأنها تعني أن الحقائق النظرية تتجسد عمليا وواقعيا في حياة المربي القدوة، لذلك بعث الله محمدا عبده ورسوله ليكون قدوة للناس (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة)، فقد كان بشخصه وشمائله وسلوكه وأخلاقه ومعاملاته ترجمة عملية حية لحقائق القرآن وتعاليم الإسلام، لذلك لما سئلت السيدة عائشة - رضي الله عنها - عن خلق رسول الله قالت: (كان خلقه القرآن).
(كان قرآنا يمشي علي الأرض) عيونهم معقودة عليكم:
وعلي المربين من آباء وأمهات ومعلمين أن ينتبهوا إلي حقيقة تربوية دامغة أن أولادنا ينظرون إلينا بعين فاحصة، ويقلدوننا فيما نقول وما نفعل ورحم الله من قال لمؤدب ولده (أحسن تربية وتأديبه فإن عينيه معقودة عليك، فالحسن عنده ما فعلت، والقبيح عنده ما تركت) ندعو الله أن يعيننا علي تربية أولادنا.
محمد حامد عليوة