عنوان الفتوى : أسباب دوام الصحبة وأسباب انقطاعها
أنا طالب أدرس في مجال الهندسة المدنية، وعندي صديق تعرفت عليه منذ سنتين، وقد تماسكت علاقتنا في السنة الأولى وأحببته كثيرا، وكان أقرب الأصدقاء إليَّ.
لكن في السنة الثانية بدأت تحصل بيننا بعض الاختلافات التي ليس منشؤها الشجار والكراهية، وإنما قد آتي للفصل الدراسي، فلا أكلمه فنبقى يومين لا يكلم بعضنا بعضا (مع دوام السلام والمحبة بيننا)، فبعد ذلك أطلب العفو منه، ثم تعود العلاقة والمزاح بيننا كما كانت أولا، لكن بعد أسبوع يعود الخلاف وهكذا، حتى إننا أحيانا نتمنى أن تنتهي الدراسة ونتفرق، ويستريح بعضنا من بعض.
وقد طلب مني أيضا في الأخير أن أنساه وينساني، ويكون الاتصال الوحيد بيننا هو السلام حتى نستريح من ذلك، ويبقى كل منا مشتغلا بأموره؛ لأننا إذا اختلفنا حصل لكل واحد نوع من التشويش والحزن على صاحبه. وقد أجبته أنني لا أستطيع مفارقته، ولا أريد أن أخسر شخصا طيبا مثله؛ لأنه في الحقيقة كان طيبا، تسعدني رؤيته، وقد كنت أدرسه القرآن قبل هذه الاختلافات؛ لأنني حافظ للقرآن، وقد رأيت منه حُبًّا للعلوم الشرعية.
فما نصيحتكم لي؟ وما العمل في مثل هذا الحال؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنصيحتنا لك أن تحرص على صحبة هذا الصديق ما دام صالحا، ولا تقطع صداقته.
جاء في آداب العشرة وذكر الصحبة والأخوة لبدر الدين الغزي:
ومنها: ألا تقطع صديقًا بعد مصادقته، ولا ترده بعد قبول....
ومنها: ألا يضيع صداقة صديق بعد وُدٍّ، فإنها عزيزة.
وكتب عالم إلى من هو مثله: أن اكتب لي بشيءٍ ينفعني في عمري.
فكتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم. استوحش من لا إخوان له، وفرط المقصر في طلبهم؛ وأشد تفريطًا من ظفر بواحد منهم فضيعه. انتهى.
واحرص على التزام آداب الصحبة، والبعد عن مفسداتها؛ كالمخاصمة، والجدال، والمزاح الذي يتأذى منه صاحبك.
ففي سنن الترمذي عن ابن عباس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لا تمار أخاك، ولا تمازحه، ولا تعده موعدا فتخلفه.
قال المناوي -رحمه الله- في التيسير بشرح الجامع الصغير: (لا تمار أخاك) أي لا تخاصمه (ولا تمازحه) بما يتأذى به. انتهى.
وراجع الفتوى: 19502
والله أعلم.