عنوان الفتوى : الزواج من الأقارب
أبلغ من العمر خمسا وعشرين سنة، تقدمت لبنت خالتي للزواج منها، ولكنها رفضت طلبي بسبب خوفها من أن تحدث مشاكل بين الأهل بعد الزواج، مع العلم أن أسرتينا متحابتان، ولم تحصل بينهما عداوة من قبل، ولا حتى نقاش. وقالت إنه ليست لديها مشكلة بالزواج مني، وأني مناسب لها، لكنها قررت وهي صغيرة ألا تتزوج من أهلها، بسبب فكرة كانت لديها وهي صغيرة أن زواج الأهل لا يولد إلا المشاكل.
فكيف أقنعها بتعديل رأيها بالأدلة الشرعية، والحجة المقنعة؟ وهل إذا دعوت الله أن يجعلها زوجة صالحة لي، ويجعلني زوجا صالحا لها، ويجعلني خيرا لها، ويجعلها خيرا لي. هل في ذلك حرج؟
وهل الدعاء بذلك جائز؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا حرج عليك في الدعاء بأن يُيسِّر الله -عز وجل- لك الزواج من بنت خالتك هذه، ولا بأس بالدعاء المذكور.
وعليك أن تتحرى الأوقات التي يكون الدعاء فيها أرجى للإجابة؛ كالدعاء في ثلث الليل الآخر، والدعاء في السجود ونحو ذلك.
ولمزيد الفائدة، راجع الفتوى: 119608، وهي عن آداب الدعاء وشروطه، وأسباب إجابته.
ويمكنك أيضا الاستعانة بالمقربين إليها، ومن ترجو أن تسمع لكلامهم وتستجيب لهم، عسى الله -سبحانه- أن يوفقهم لإقناعها.
وزواج الأقارب قد أحله الله -تعالى- في كتابه، قال تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَمَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَنَاتِ عَمِّكَ وَبَنَاتِ عَمَّاتِكَ وَبَنَاتِ خَالِكَ وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ..... {الأحزاب:50}.
وثبت ذلك أيضا في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم الفعلية، حيث تزوج عليه الصلاة والسلام من زينب بنت جحش -رضي الله عنها- وهي ابنة عمته، وزوَّج ابنته فاطمة -رضي الله عنها- بابن عمه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- ولم يزل السلف يتزوجون ويزوِّجون من أقاربهم.
ولا يلزم أن يترتب على زواج الأقارب ما أشارت إليه بنت خالتك من العداوة، بل قد يكون ذلك سببا في متانة العلاقة عندما يجتمع النسب والمصاهرة، وهذا مرجُو مع ما ذكرت من الحال في عائلتكم من حسن العلاقة، وحصول المحبة بين أفرادها.
وفي نهاية المطاف إن تيسر إقناعها بأمر الزواج، فالحمد لله، وإلا فدَعْها، وابحث عن غيرها، فقد يرزقك الله الزواج ممن هي خير منها، فإنك لا تدري أين الخير، ففوض أمرك إلى الله، فهو أعلم بعواقب الأمر، قال عز وجل: وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ {البقرة:216}.
وننبه إلى الحرص على اختيار المرأة الصالحة في الزواج، أي: ذات الدين والخُلُق، فذلك من أعظم أسباب نجاح الحياة الزوجية.
والله أعلم.