عنوان الفتوى : الواجب تعلمه من أمور العقيدة بين الإجمال والتفصيل
ما هو الحد الواجب تعلمه في العقيدة؟ وهل لو أتاني تساؤل معين في العقيدة، ليس داخلا في الحد الواجب تعلمه، فهل يجب عليّ أن أسأل -رغم هذا- أهل العلم حول الأمر أم لا؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهناك قدر يصبح به المرء مسلما، وهو العلم بمعنى الشهادتين، والإقرار به بقلبه ولسانه، ثم بعد ذلك يجب عليه العلم الإجمالي بأركان الإيمان.
وأما التفصيل؛ فيتفاوت الواجب منه بحسب حال الشخص، وبيئته، وما يعرض له من شبهات. وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: ما الذي يجب على المكلف اعتقاده؟ وما الذي يجب عليه علمه؟ وما هو العلم المرغب فيه؟ وما هو اليقين؟ وكيف يحصل؟ وما العلم بالله؟
فأجاب: الحمد لله رب العالمين، أما قوله: ما الذي يجب على المكلف اعتقاده فهذا فيه إجمال وتفصيل. أما الإجمال؛ فإنه يجب على المكلف أن يؤمن بالله ورسوله، ويقر بجميع ما جاء به الرسول: من أمر الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وما أمر به الرسول ونهى، بحيث يقر بجميع ما أخبر به، وما أمر به. فلا بد من تصديقه فيما أخبر؛ والانقياد له فيما أمر.
وأما التفصيل؛ فعلى كل مكلف أن يقر بما ثبت عنده؛ من أن الرسول أخبر به، وأمر به. وأما ما أخبر به الرسول ولم يبلغه أنه أخبر به؛ ولم يمكنه العلم بذلك؛ فهو لا يعاقب على ترك الإقرار به مفصلا، وهو داخل في إقراره بالمجمل العام، ثم إن قال خلاف ذلك متأولا كان مخطئا يغفر له خطؤه؛ إذا لم يحصل منه تفريط ولا عدوان، ولهذا يجب على العلماء من الاعتقاد ما لا يجب على آحاد العامة، ويجب على من نشأ بدار علم وإيمان من ذلك ما لا يجب على من نشأ بدار جهل.
وأما ما علم ثبوته بمجرد القياس العقلي دون الرسالة؛ فهذا لا يعاقب إن لم يعتقده ... وأما قوله: ما الذي يجب عليه علمه؟ فهذا أيضا يتنوع؛ فإنه يجب على كل مكلف أن يعلم ما أمر الله به، فيعلم ما أمر بالإيمان به؟ وما أمر بعلمه؛ بحيث لو كان له ما تجب فيه الزكاة لوجب عليه تعلم علم الزكاة، ولو كان له ما يحج به لوجب عليه تعلم علم الحج، وكذلك أمثال ذلك ...
وأما "العلم المرغب فيه جملة" فهو العلم الذي علمه النبي -صلى الله عليه وسلم- أمته، لكن يرغب كل شخص في العلم الذي هو إليه أحوج؛ وهو له أنفع، وهذا يتنوع؛ فرغبة عموم الناس في معرفة الواجبات والمستحبات من الأعمال والوعد والوعيد أنفع لهم. وكل شخص منهم يرغب في كل ما يحتاج إليه من ذلك، ومن وقعت في قلبه شبهة، فقد تكون رغبته في عمل ينافيها أنفع من غير ذلك ...
وأما "اليقين" فهو طمأنينة القلب، واستقرار العلم فيه... اهـ.
وانظر لمزيد الفائدة الفتويين: 240100، 288304.
والله أعلم.