عنوان الفتوى : نصيحة لمن طلّق زوجته التي تتعامل مع الجن وكانت هي حاضنتهم
اكتشفت أن عرّافًا كان سببًا في طلاقي من زوجتي، التي أنجبت لي ثلاثة أطفال، وقد فرّق بيننا عبر إقناعها بأنني نحس عليها، وأنها روحانية، وأني لا أصلح زوجًا لها، وأنني سوف أموت خلال أقل من سنة، وأنه سيتزوجها -رغم أنه متزوج، ولديه أطفال-.
تأكدت بالدليل أن هذا العرّاف هو سبب الطلاق؛ عبر تسجيلات سمعتها بصوت زوجتي، ولديّ شكوك كبيرة أنه سحرها، وجعلها تتعلق به، وبأوهام أخرى -مثل استخراج الكنوز-، وقد صارت تكرهني بصورة ملفتة جدًّا، بل واحتفلت بعد الطلاق.
بعدما طلقتها بعد إصرارها عليه، اكتشفت أنها ترسل لهذا العرّاف رسائل غرامية، وأنها تعمل معه على استخراج الكنوز، ثم بعد ذلك أصبحت تدّعي أنها ولية من أولياء الله، وأنها تتبع إحدى الطرق الصوفية، وأن لديها كرامات، وهذا العرّاف متزوج، ولديه طفلان، ويتواصل مع طليقتي عبر الهاتف؛ لأنه يبعد مئات الكيلومترات، بالإضافة إلى أن عائلة طليقتي لا يتجاوبون معي، ويرفضون التوسط للإصلاح، ووالد طليقتي كان عرّافًا، وكان يلحق الضرر بعائلته، ولكنه توفي قبل طلاقي بأشهر، وأصبحت طليقتي متعلقة به جدًّا، وقالت: إن جماعته من الجن اختاروها لتكون خليفة لأبيها، وأنهم هم الجماعة المتقون فقط، أما السيئون فقد رحلوا بوفاة أبيها؛ وذلك لإقناعها بالتعامل معهم، وقد أصبحت تتواصل معهم عبر السماع، وتعتقد أنها أصبحت ولية من أولياء الله، فهل يجوز لي معاقبة وردع هذا العرّاف بنفسي؟ علما أنني أعيش في بلد ترخّص للعرافة، ولا أستطيع أن أقاضيه، خاصة أنني طلقت، وهل تنصحونني بالسعي لإرجاع طليقتي، وإنقاذها من هذا المجرم، ومن هذا الطريق المظلم -من أجل أطفالي على الأقل- فلا زالوا صغارًا -أكبرهم عمره 10 سنوات-، أم تنصحونني بالابتعاد، والزواج من غيرها، والاحتساب عليه؟ علمًا أنني أرغب في الانتقام منه على قدر ألمي من فقدان عائلتي، وتفرّقها بعد أن كنا نعيش في خير وسلام.
أشعر بالقهر، والظلم، ولا أجد حلًّا سوى أن أنتقم منه بنفسي، ولا يمنعني من الانتقام سوى خوفي من الله عز وجل، وأكثر ما يؤلمني هم أطفالي الذين حرمت من العيش بجانبهم، وأصبحوا يعيشون مع أمٍّ تحمل معتقدات فاسدة، وتسلك طريق الشيطان، وهي تحسب أنها على هدى. جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى أن ييسر لك أمرك، وأن يدبر لك الخير حيث كان.
وأما مسألة الانتقام من هذا العرّاف، فلا تشغل نفسك بها؛ فإن هذا لا يجدي عنك نفعًا، بل قد يزيد من الضرر؛ ففوّض أمرك إلى الله تعالى؛ فالله عز وجل غالب على أمره، ولا يُردُّ بأسه عن القوم المجرمين، وهو يملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته.
ومن لم ينل جزاءه العادل في الدنيا، فأمامه يوم يقام فيه العدل المطلق، قال تعالى: وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ {الأنبياء:47}، وقال سبحانه: وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ {إبراهيم:42}.
وإنما المهم في مشكلتك هم أطفالك، وحال أمّهم بوصفها المذكور في السؤال، فهذا هو الذي ينبغي أن تنشغل به، وتسعى في معالجته.
فالظن أن قانون بلدك يجعل حضانة أولادك مع أمّهم؛ رغم ما وصفت من حالها.
ومن ثم؛ فالذي يمكنك فعله هو بذل الجهد في نصح طليقتك، وبيان ما هي عليه من الباطل، وأن تسعى للتفاهم معها لأخذ أولادك عندك، وتستعين على ذلك بمن يمكنه مساعدتك من الأقارب، والوجهاء في بلدك.
واعلم أن الأمور بيد الله تعالى، يصرّفها كيف يشاء؛ فهو القادر على تيسير العسير، وتقريب البعيد، وهداية الضال؛ فتوجّه إليه بكُلّيتك، واصدق في التوكل عليه، والاستعانة به، وأحسن به الظن، وتقرّب إليه بما استطعت، ثم اصبر واحتسب، وترقَّب الفرج.
والله أعلم.