عنوان الفتوى : الأفضل الاجتهاد في إصلاح الزوجة
أنا شاب أقبلت على خطبة فتاة، أشار علي بها والدي، وهي من أقاربه. جلست معها؛ فأعجبت بها، وأحبتني وأحببتها، وتزوجنا.
وبعد ثلاثة أشهر من الزواج مرض والدي بمرض شديد، وظل يعاني منه لمدة عام، ثم توفي. وكنت حزينا على والدي طول فترة مرضه، وحتى بعد وفاته. وتغيرت نوعا ما مع زوجتي، وأصبحت أفقد أعصابي كثيرا، ولا أتحدث معها. ورزقنا الله بولد.
وبعد ثلاث سنوات من زواجنا كانت تتشاجر معي كثيرا على أقل الأشياء، وبدأت أشك في تصرفاتها. بحثت في هاتفها، واكتشفت أنها تتحدث مع شخص عبر الهاتف كانت تعرفه في السابق. وبعد الضغط عليها اعترفت أنها كانت تميل إليه. وعندما أخبرت أهلها بهذا رفضوه قبل زواجنا، وهو كان لا يعرفها، ولكن هي فقط من كانت تميل إليه. وأنها حلمت بهذا الشخص أحلاما مفزعة، وأتت برقم هاتفه من إحدى زميلاتها لتعرف سر أحلامها. وتحدثت معه. وأخبرتني أنها ذهبت لرؤيته، وقد أرسلت له صورا لها؛ لأنه لا يعرفها، وقالت لي إن كل النساء يفعلن ذلك.
وعندما علمت بذلك، ترجتني بشدة أن أسامحها وأن أعفو عنها. وقبلت ذلك، وأنا علي كره شديد من داخلي لها ومن أفعالها.
وبعد ذلك وقعت في الحرام مع امرأة أخرى، بسبب الضيق النفسي الذي مررت به لا بسبب شهوة، ولا أعرف كيف فعلت ذلك؟! ومر علي ذلك قرابة العام.
وحملت زوجتي مرة أخرى، وأنا لم أتغير، بل يزداد كرهي لها، وأريد أن أطلقها، ولكن أخشى على أبنائي، ولا أستطيع مفارقتهم. ووالدتي متعلقة بابني كثيرا.
وكدت أخبر والدها بذلك أكثر من مرة، ولكنها تترجاني كثيرا. ولا أعلم ماذا أفعل هل أطلقها، وأحرم من أولادي، أم أقبل العيش معها؟ وهل أخبر والدتي بما حدث أم لا؟
مع العلم أني كنت أخاف عليها كثيرا، وأتقي الله فيها، وأصعب شيء أيضا أنها أخبرت والدتها بما كانت تفعله، وأن والدتها كانت تقول لها: لو كانت نيتك بأنه صديق، فلا حرج في ذلك، وتعجبت كثيرا من ردة فعل والدتها.
ولا أعرف ما هذا الزمان الذي نعيش فيه؟
فأرجو من حضراتكم المشورة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن صح ما ذكرت من كون زوجتك كانت تحادث عبر الهاتف رجلا أجنبيا عنها، فقد أساءت إساءة بالغة، وعصت ربها وفرطت في حقك كزوج لها.
فالواجب على المرأة أن تحفظ زوجها حال غيابه عنها.
فإن تابت زوجتك مما فعلت توبة نصوحا، واستقام أمرها وصلح حالها؛ فأمسكها وأحسن عشرتها. وإن لم تتب، ففراقها أفضل. وانظر لمزيد من التفصيل الفتوى: 190157، والفتوى: 5450.
وإن رأيت أن تصبر عليها، وتجتهد في سبيل إصلاحها، فلا بأس بذلك.
والواجب عليك أيضا أن تتوب مما أقدمت عليه من الوقوع في الزنا، والضيق النفسي لا يعالج بمعصية الله -تعالى- ولكن يحل بالإقبال عليه، والإكثار من ذكره، قال سبحانه: مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {النحل:97}، وقال أيضا: الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ {الرعد:28}.
وننبه في الختام إلى بعض الأمور:
الأمر الأول: إذا أراد الرجل الإقدام على الزواج، فعليه أن يحسن اختيار زوجته، فالمرأة الصالحة هي التي يرجى أن تتقي الله في زوجها، وراجع الفتوى: 8757.
الأمر الثاني: أن التجسس محرم، فلا يجوز للزوج أن يتجسس على زوجته إلا عند وجود ريبة، فإن وجدت ريبة جاز التجسس عليها، وتراجع الفتوى: 60127.
الأمر الثالث: لا يجوز للأم أن تقر ابنتها على المخادنة واتخاذ الأخلاء، فذلك يتنافى مع النصيحة والأمانة فيها، والتي ينبغي أن يكون عليها المؤمن.
قال الحسن البصري -رحمه الله-: لا تجد المؤمن إلا ناصحا، لا تجده غاشا.
والله أعلم.