عنوان الفتوى : كيف تختار شريكة حياتك ؟
أريد الزواج وأحب النساء لكن ليست لدي علاقات مع أي امرأة من غير المحرمات، ولهذا أسأل ماذا أفعل كي أتزوج ما هو المسموح به في البحث عن زوجة، أو الطريقة الشرعية التي أبحث بها عن زوجة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فإن عليك أن تبادر إلى الزواج طاعة لربك، وامتثالاً لأمر نبيك صلى الله عليه وسلم، وتحصينا لنفسك، واستمتاعاً بما أحل الله لك، وطلبا للعقب الصالح.
قال الله تعالى: (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) [النور:32].
وفي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استطاع الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر، وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم، فإنه له وجاء".
وفي المسند والسنن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول: "تزوجوا الودود الولود، فإني مكاثر بكم الأنبياء يوم القيامة".
وأما عن طريق اختيار الزوجة، فأول خطوة منها هي: الاستخارة، ثم الاستعانة بالله تعالى وسؤاله سبحانه أن يوفقك ويهديك إلى ما فيه الخير والرشاد، ثم استشارة من تثق بدينه وورعه ونصحه وعقله وتجربته، فقد قيل: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار.
ثم - بعد هذا - ابحث عمن تلائمك وتصلح لك، واجعل الدين والخلق في مقدمة المعاير التي ستختار على أساسها زوجتك، ففي الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " تنكح المرأة لأربع: لمالها، ولحسبها، وجمالها، ولدينها، فاظفر بذات الدين تربت يداك".
فأرشد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن يكون أساس الاختيار هو: الدين، لأن المتدينة أرعى لحقوق الله تعالى، وحقوق الزوج والأولاد والبيت، وليس معنى هذا إغفال المعايير الأخرى من جمالٍ وحسب، بدليل إرشاده صلى الله عليه وسلم لمن أراد أن يتزوج امرأة أن ينظر إليها، كما سيأتي إن شاء الله.
ومن طرق البحث أن توصي صالحات نساء أهلك وزوجات أصدقائك، ثم إن قدِّمت لك عدة خيارات فاستخر الله تعالى، واختر أحدها، ثم حاول مقابلة من وقع اختيارك عليها، وانظر منها إلى ما يدعوك إلى نكاحها، ففي المسند وسنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا خطب أحدكم المرأة فقدر أن يرى منها بعض ما يدعوه إليها فليفعل" زاد أبو داود قال جابر: فخطبت جارية، فكنت أتخبأ لها، حتى رأيت منها ما دعاني إلى نكاحها وتزوجها فتزوجتها.
وفي المسند وسنن الترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: خطبت امرأة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أنظرت إليها؟" قلت: لا. قال: "انظر إليها، فإنه أحرى أن يؤدم بينكما".
ولا يشترط للرؤية إذن المرأة ولا إذن أوليائها عند جمهور أهل العلم اكتفاءً بإذن الشارع، ولعموم الأخبار في ذلك، مثل حديث جابر المتقدم.
ولك أن تنظر منها إلى وجهها وكفيها وقامتها وشكلها، ولك أن تتخاطب معها لتسبر عقلها، وتسمع منطقها، وتسألها عما تحب، وما لا تحب.
ثم إن وجدت ما يرضيك، فاستعن بالله تعالى واخطبها.
ولا تطلب المثالية في كل الصفات، فإن منال ذلك عسير، وننبهك هنا إلى أمرين:
الأول: أن لقاءك بها لابد أن يكون من غير اختلاء بها، وإنما يكون بحضور أحد محارمها هي، أو محارمك أنت من النساء.
الثاني: أنه إذا حصل ذلك اللقاء وجب عليك بعد ذلك أن تكف عن أي اتصالٍ بها، حتى يتم عقد الزواج بينكما، لأنها قبل إتمام عقد الزواج أجنبية عنك.
ثم إن تزوجتها فاستوص بها خيراً، واتق الله فيها، فإنها أمانة عندك، أخذتها بأمان الله تعالى، واستحللت فرجها بكلمة الله تعالى.
والله أعلم.