عنوان الفتوى : طريق الرضا لمن تأخر زواجه
السؤال
فهمنا الحكم الشرعي والتعامل معه للذي لا يتمكن من الزواج بالاستعفاف والصيام، وفهمنا أن الأمر يحتاج إلى مجاهدة، قال تعالى: وَالَّذينَ جاهَدوا فينا لَنَهدِيَنَّهُم سُبُلَنا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ المُحسِنينَ. [العنكبوت: 69].
وفهمنا أن الإنسان يعاني مشقة في بداية فعله للطاعة، ولكنها تذهب مع الوقت، كما قال ابن عثيمين في شرح رياض الصالحين: ولكن اعلم علم إنسان مجرب أنك إذا أكرهت نفسك على طاعة الله، أحببت الطاعة، وألفتها مع الوقت، وصرت بعد ما كنت تكرهها تأبى نفسك إذا أردت أن تتخلف عنها.
ونحن نجد بعض الناس يكره أن يصلي مع الجماعة (مثلا)، ويثقل عليه ذلك عندما يبدأ في فعله، لكن إذا به بعد فترة تكون الصلاة مع الجماعة قرة عين، ولو تأمره ألا يصلي لا يطيعك، فأنت عود نفسك، وأكرهها أول الأمر، وستلين لك فيما بعد وتنقاد.)
قال أحد السلف: كابدت نفسي على قيام الليل عشرين سنة، وتلذذت به عشرين سنة.
لكن كيف التعامل مع ذلك (عدم القدرة على الزواج) كحكم قدري، تأتيني وساوس شيطانية بسبب ذلك، أشعر أن الله منعني من شيء هو قادر على أن يعطيني إياه ، فأصاب بهم متوسط بسبب ذلك، فما هي كيفية التعامل مع ذلك كحكم قدري؟
نورني أنار الله بصيرتك، وزادك علما.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فعليك أن تعلم أولا أن ربك تعالى حكيم خبير، وأنه يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها، فلا يمنعك شيئا إلا لكون ذلك مصلحة لك، فهو سبحانه لا يفعل إلا ما تقتضيه الحكمة والمصلحة، فعليك أن تفوض أمرك إليه، وتستسلم لجميع قضائه وقدره سبحانه وبحمده؛ عالما أنه الخير، والرحمة، والحكمة، والمصلحة.
فإذا مَنَّ عليك بالقدرة على الزواج تزوجت، وإذا حال بينك وبين ذلك لم تعترض على قدره، ورضيت بقسمه، وسألته من فضله، وتضرعت إليه في فتح أبواب الرزق، وتيسير الزواج لك، فربما كان تأخير ذلك عنك ليسمع الله ضراعتك ودعاءك، أو لتجتهد في صنوف العبادات المختلفة التي تقربك إلى الله تعالى؛ كالصيام ونحوه، فخذ بالأسباب فذلك ما تقدر عليه، وفوض أمرك لله، وارض بتدبيره؛ فإنه سبحانه أرحم بعبده من الأم بولدها.
يسر الله لك جميع أمرك.
والله أعلم.