عنوان الفتوى : حكم قول : ما يهمني لو كانت حبة القمح بدينار، عليَّ أن أعبده كما...
السؤال
ما مدى صحة هذه المقولة، وهل فيها سوء أدب مع الله في قول:"وعليه"، والمقولة هي: قيل لإبراهيم ابن أدهم: غَلَت الأسعار، فقال: والله ما يهمني لو كانت حبة القمح بدينار، عليَّ أن أعبده كما أمر، وعليه أن يرزقني كما وعدني.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلم نقف على هذه القصة موثقة، وبكل حال فلا يظهر أن فيها -إن صحت- سوء أدب مع الله، بل هي دالة على صدق قائلها، وشدة توكله على ربه تعالى، ويقينه بما عنده، وأن رزقه لن يفوته. وأن ما أصابه لم يكن ليخطئه؛ فإن الرزق كتب والعبد جنين في بطن أمه، حين أمر الملك بنفخ الروح فيه، قال الله: وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ {الذاريات:22}.
فمن أيقن بأن ما وعده الله من الرزق مقسوم لن يفوته، كان مطمئن القلب، هادئ النفس، آخذا بالأسباب متوكلا على مسببها.
وقوله: وعليه أن يرزقني... ليس هذا إيجابا على الله، ولكنه هو سبحانه الذي تكفل أن يرزق كل دابة, قال تعالى: وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا {هود:6}.
فالعباد لا يوجبون على الله شيئا، وإنما هو سبحانه من يوجب على نفسه ما يشاء، كما قال: وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ {الروم:47}.
يقول ابن القيم في نونيته:
ما للعباد عليه حق واجب هو أوجب الأجر العظيم الشانِ.
فإذا فهمت هذه العبارة بهذا الاعتبار، وحملت على هذا الوجه، لم يكن فيها محظور.
والله أعلم.