عنوان الفتوى : ما يقع بقدر الله لا يتنافى مع سبب تقصير العبد
السؤال
أنا فتاة أبلغ من العمر 19 سنة، تخرجت الأولى على دفعتي في الثانوية، وخلال كل السنوات التي سبقتها كنت متفوقة ومجتهدة، وأحب دراستي.
رغبت كثيرا في الالتحاق بكلية الطب بعد الثانوية أي قبل عامين من الآن، لكنني لم أُوفَّق، فالتحقت بكلية أخرى لم أكن أرغب فيها، وكنتيجة لذلك ما كانت عندي إرادة، ولا رغبة للمذاكرة وتحولت من طالبة مجتهدة إلى فتاة غير قادرة على فتح الكتاب للمراجعة مما أدى بي إلى الرسوب. عانيت خلال هذه السنة من نفس المشكلة، ولا زلت أعاني منها، ولذلك فإنني أواجه خطر الطرد من الكلية، مما يسبب لي حالة قلق وحزن كبيرين.
سؤالي هو: هل يحق لي أن أعزِّي نفسي بأن كل ما حصل هو جزء من قدري، لم أكن لأغيره، فأجد بذلك شيئا من الراحة النفسية؟ أم أن ما حدث حدث بسبب إهمالي الناتج عن حزني فقط؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ما حصل لك إنما وقع بقدر الله تعالى، وهذا لا يتنافى مع سبب التقصير منك، وفي حديث عَبْد اللهِ بْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: كُلُّ شَيْءٍ بِقَدَرٍ، حَتَّى الْعَجْزِ وَالْكَيْسِ، أَوِ الْكَيْسِ وَالْعَجْزِ. رواه مسلم.
قال النووي في شرحه: الْعَجْزَ هُنَا عَلَى ظَاهِرِهِ، وَهُوَ عَدَمُ الْقُدْرَةِ، وَقِيلَ هُوَ تَرْكُ مَا يَجِبُ فِعْلُهُ، وَالتَّسْوِيفُ بِهِ، وَتَأْخِيرُهُ عَنْ وَقْتِهِ. قَالَ: وَيُحْتَمَلُ الْعَجْزُ عَنِ الطَّاعَاتِ، وَيُحْتَمَلُ الْعُمُومُ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَالْكَيْسُ ضِدُّ الْعَجْزِ، وَهُوَ النَّشَاطُ وَالْحِذْقُ بِالْأُمُورِ، وَمَعْنَاهُ أَنَّ الْعَاجِزَ قَدْ قَدَّرَ عَجْزَهُ، وَالْكَيِّسُ قَدْ قَدَّرَ كَيْسَهُ. اهـ
وننصحك أيتها الأخت السائلة بعدم الحزن على ما مضى، وأن تجتهدي فيما يُستقبل، وتستعيني بالله تعالى عملا بوصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله: احْرِصْ عَلَى مَا يَنْفَعُكَ, وَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ, وَلَا تَعْجَزْ, وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلَا تَقُلْ: لَوْ أَنِّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا, وَلَكِنْ قُلْ: قَدَّرَ اللَّهُ، وَمَا شَاءَ فَعَلَ; فَإِنَّ لَوْ تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
والله أعلم.