عنوان الفتوى : خرجت من بيت زوجها ولا تريد الرجوع إلا إذا ذهب زوجها لإرجاعها

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

غضبت زوجتي؛ لأني تركتها للترحيب بخالي وابنته، رغم أني عرضت عليها أن تنزل معي للترحيب بهما، ورفضت.
وعندما عدت وجدتها تدعو علي، وتقول: حسبي الله ونعم الوكيل فيك، ومنك لله. فتجاهلت الأمر؛ كي لا نتشاجر، ودخلت مع الأطفال للنوم. فلم تتركني، وحاولت جاهدة أن توقظني، وكانت تدعو علي. فلم أرد عليها.
وطلبت الطلاق مرارا، فقلت لها: سأتحدث مع أبي في هذا؛ كي يتحدث مع والدتك؛ لأني لم آت للزواج بك بمفردي. ونزلت لكي أبعد الشيطان ونمت عند والدي. فتكلمت على هاتفي، فقلت لوالدتي: ردي عليها وانظري ماذا تريد؟ فقالت لها: لماذا لم يجب عمي مباشرة؟ قالت لها: عمك نائم، اهدئي الآن يا بنتي، وفي الصباح نتحدث.
ونزلت في الصباح للحديث مع أمي وظل صوتها عاليا، وتشتكي مني، وتقول لهم بعض زلاتي في مواقف سابقة. فقلت موقفا كان قد حدث منها؛ كي تنهي الحديث. واحتدت مع أبي في الحوار، وقال لها: الإسلام بريء منك ومن أفعالك. ردا على دعائها المستمر علي. وأيضا قال لها: هذه قلة أدب، على الكلام الذي بدر منها تجاهي وتجاه العائلة، الذي ذكرته بعدما ذكرت زلاتي أمامهم. فقال لها والدي: ماذا تريدين؟ فقالت: أريد أن أطلق، دعه يرمي علي يمين الطلاق الآن. فقال لها: هذا شيء بينك وبين زوجك. وبعد قليل قالت: أريد أن أطلق، مرات عدة، فرد والدي: خلاص مثل ما دخلنا بالمعروف، نخرج بالمعروف.
حينها تدخلت وقلت لها: ماذا تريدين؟ وكل هذا الحوار ليس له لزوم. قالت لي: أريد أن أطلق، ولن أجلس هنا، أريد أن أمشي، قلت لها: افعلي ما يريحك.
سأكلم سيارة لتذهبي إلى أمك لمدة يومين. فقالت: لا، أريد أن أطلق، قلت لها: اذهبي، وٍسأرسل لك ورقة طلاقك هناك، ما دامت هذه رغبتك. وسافرت إلى بيت أهلها في سيارة خاصة أحضرتها لها. وظلت شهرا بدون أن تكلمني، أو يحدثني أحد من أهلها.
وبعد شهر تحدثنا سويا على الواتساب عن العيال، وحاولت بعدها تذليل العقبات، وهي كانت تذهب لبيت الزوجية لتأخذ ملابس للأطفال.
وفي إحدى المرات تقابلنا في شقة الزوجية وتكلمنا سويا، وكنت أريدها، ولكن لم تمكني من نفسها.
وتقابلنا في شقة الزوجية مرات عدة، ولكنها أبت أن تمكنني من نفسها إلا مرة واحدة. وأخذت أولادي خلال تلك الفترة وجلسوا معي، وأعطيتهم ملابس، وعادوا لها مرة أخرى.
وهي الآن لا زالت في بيت أهلها ولا تريد العودة إلا إذا ذهبت وأخذتها، وأنا أرفض هذا الأمر؛ لأني لم أخطئ في حقها. وهي رفعت صوتها على أبي.
هي تمكث عند أمها منذ 4 أشهر. وحاولت أن أتنازل من أجل الأولاد، وقلت لها: سآخذك من تحت البيت، فرفضت؟

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن الشرع الحكيم قد شرع الزواج لمقاصد عظيمة، ومن أهم هذه المقاصد أن تكون الحياة الزوجية مستقرة يهنأ فيها الزوجان، وتمثل بيئة صالحة ينشأ فيها الأولاد نشأة سوية، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}.

ومن أهم ما تتحقق به تلك المقاصد: حسن العشرة بين الزوجين، وأن يكون بينهما الاحترام والتفاهم، وأن يعرف كل منهما للآخر حقه عليه فيؤديه على أكمل وجه، قال -سبحانه-: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ {البقرة:228}.

ولمعرفة الحقوق بين الزوجين، نرجو مطالعة الفتوى: 27662.

وإن كان الحال ما ذكرت، فقد أحسنت بصبرك على زوجتك، وحرصك على تجنب ما يؤدي إلى تفاقم المشكلة.

وفي المقابل أساءت زوجتك بمثل هذه التصرفات التي صدرت منها تجاهك، وما كان منها من طلب الطلاق فمنهي عنه إلا لمسوغ شرعي، كما ثبتت بذلك السنة الصحيحة، وسبق أن بينا ذلك في الفتوى: 37112.

ونوصي بانتداب العقلاء من أهلك وأهلها؛ ليتدخلوا من أجل الإصلاح بينكما، فقد حث الشرع على الإصلاح عند حدوث الشقاق بين الزوجين وبيَّن أفضليته، قال الله -عز وجل-: وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا {النساء:128}، وقال -سبحانه-: وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا {النساء:35}.

وإن مما يتأكد به أمر الإصلاح وجود الأولاد، فإذا حدث الطلاق فإنهم من أكثر الناس تضررا منه.

وأمر أخذك لها إلى البيت وإن لم يكن لازما لك شرعا في مثل هذه الحالة، إلا أن الفقهاء قد ندبوا إليه، تطييباً للخاطر، وترغيبا في الخير والإصلاح. كما بيناه في الفتوى: 376477.

وإن تيسر أمر الإصلاح واجتمع الشمل، فهذا هو المطلوب، والحمد لله. وإن لم يتيسر فانظر في أمر طلاقها وما إن كان الأصلح، فإنه إذا لم يكن الإمساك بالمعروف، فليكن التفرق بإحسان.

والله أعلم.