عنوان الفتوى : هل مرض المرء بعد اقتراضه بالربا لتمويل مشروعه التجاري من العقوبة؟
السؤال
والدي أخذ قرضًا من البنك لعمل مشروع، لكن المشروع فشل، وهو يؤنّب نفسه من حين لآخر لأخذه القرض بعد معرفته بأنه حرام، علمًا أنهم في بلدنا يحلّلون قروض المشروعات، وقد أصيب بمرض في قلبه، ووضع جهاز: "pacemaker"، وأريد أن أهوّن عليه، فهل ما يعاني منه بسبب القرض؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يجوز الاقتراض بالربا من أجل تمويل مشروع ونحوه؛ فإن الربا من المحرمات التي لا تباح إلا عند الضرورة, وتعرفّ الضرورة بأنها: بلوغ المكلف حدًّا إن لم يتناول الحرام هلك، أو قارب على الهلاك.
وزيادة الدخل وتنمية التجارة، ليس من ذلك، قال الشيخ المودودي: لا تدخل كل ضرورة في باب الاضطرار بالنسبة للاستقراض بالربا؛ فإن التبذير في مجالس الزواج ومحافل الأفراح والعزاء، ليس بضرورة حقيقية، وكذلك شراء السيارة، أو بناء المنزل، ليس بضرورة حقيقية، وكذلك ليس استجماع الكماليات، أو تهيئة المال لترقية التجارة بأمر ضرورة، فهذه وأمثالها من الأمور التي قد يعبّر عنها بالضرورة والاضطرار, ويستقرض لها المرابون آلافًا من الليرات، لا وزن لها, ولا قيمة في نظر الشريعة، والذين يعطون الربا لمثل هذه الأغراض آثمون. انتهى.
وندم أبيك على ما أقدم عليه في محله، والندم توبة، فليستغفر الله، وليعزم على ألا يعود إلى ذلك، وليكثر من العمل الصالح؛ فالحسنات يذهبن السيئات.
ومن تاب؛ تاب الله عليه، مهما عظم ذنبه، وجلّت خطيئته؛ قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}.
وأما المرض فلا يلزم أن يكون بسبب ارتكاب الحرام، وإن كان للمعصية شؤم، وقد يؤاخذ الله عبده ببعض ما كسب؛ ليتوب ويؤوب إليه، وذلك خير له من أن يبقى في غفلته حتى يدركه الموت.
فليحمد الله أن وفقه للتوبة، وليستقم كما أمر، وليقبل على ربه، وليعلم أن: كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون. كما في الحديث عند الترمذي، والحاكم.
والله أعلم.