عنوان الفتوى : لا يجوز بيع الدين المؤجل بأقل من قيمته حالا، لغير من هو عليه
أقوم بعمل تحصيل (بوليصة) وأتعامل مع طرفين: الطرف الأول: عبارة عن مكتب يتعامل مع مركبات للنقل من الميناء، يقوم المكتب مثلًا بحجز بضاعة سفينة لنقلها داخل البلاد وتوزيعها، يقوم المكتب بالاتفاق مع أصحاب سيارات النقل لتوزيع بضاعة هذه السفينة، بسعر معين، كأن يكون مثلاً 10000 جنيه، فيعطي المكتب لصاحب السيارة 5000 آلاف جنيه، وبقية المبلغ يعطيه (بوليصة)، وبعد أن ينتهي صاحب سيارة النقل من نقل البضاعة وتوزيعها، يذهب إلى مدينة أخرى من أجل تحصيل مبلغ (البوليصة)، وذلك بعد حوالي أسبوع تقريباً، أقل أو أكثر، المهم أن المدة لا تزيد عن 15 يوماً، فيأتيني صاحب سيارة النقل بمحض إرادته، ودون توجيه من صاحب المكتب، فيعطيني (البوليصة) من أجل تحصيل المبلغ المتبقي وهو 5000 جنيه، فأقوم بإعطاء صاحب السيارة مبلغاً وقدره 4800 جنيه مباشرة، على أن أقوم بتحصيل 5000 جنيه من صاحب المكتب لاحقاً، على أن أتعابي ستكون 200 جنيه، مقابل أني كفيته مؤنة الذهاب إلى صاحب المكتب، وعجلت له بقية قيمة توزيع البضاعة.
فهل هذا حلال أم حرام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما دام السائل يُعجِّل لصاحب السيارة مبلغ (4800)، ثم يحصل هو بعد المدة المذكورة قيمة البوليصة (5000).
فلا تجوز هذه المعاملة؛ لأنها ستكون من باب بيع الدين المؤجل بأقل من قيمته حالًا، لغير من هو عليه، وهذا من الربا المحرم، فإن بيع الدين لغير من هو عليه، محل خلاف بين أهل العلم من حيث الأصل، والجمهور على منعه، ومن قال بجوازه اشترط شروطًا غير متحققة هنا، ومن أهمها: المماثلة عندما يباع الدين بجنسه.
وراجع في ذلك الفتاوى: 2736، 25114، 115533.
وهذا بخلاف ما لو اقتصر مقصود المعاملة على إنابة السائل في تحصيل قيمة البوليصة بأجرة معلومة من صاحب السيارة، ولا يدخل فيها تعجيل شيء من قيمة البوليصة لصاحب السيارة قبل تحصيله من الطرف الأول (المكتب)، لأن ذلك لو حصل سيكون السائل في حكم المقرض لصاحب السيارة، ولا يجوز الجمع بين القرض وبين عقد من عقود المعاوضة كالبيع أو الإجارة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع. رواه أحمد والأربعة.
وراجع في ذلك الفتوى: 250798.
والله أعلم.