عنوان الفتوى : إرضاء الزوجين لبعضهما من أخلاق السلف الصالح
ماحكم الرجل الذي يعاشر زوجته وهو كارهها ويسمعها هذا الكلام صراحة وإن طلبت منه الانفصال بالمعروف قال لها حتى يكبر الأولاد
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يتعين على كل من الزوجين أن يعاشر قرينه بالمعروف عملاً بقوله تعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (النساء: من الآية19)، وعملاً بقوله تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ(البقرة: من الآية228)، وعليهما أن يحرصا على تماسك الأسرة، ولاسيما في حال وجود الأولاد، لأن تشتت الأسرة يؤدي لضياع الأولاد وفساد أخلاقهم، وعليهما أن يسعيا جادين في حل مشكلة كره أحدهما للآخر، فعلى الزوجة أن تراجع نفسها، وتنظر في سبب الكره، فهل هو حاصل بسبب إهمالها لنفسها، وعدم عنايتها بمظهرها، أو غير ذلك، ولا بأس أن تناقشه في الموضوع حتى تتعرف على ما ينفره منها، فتجتنبه، فإن رجوع المرأة إلى ما يرضي زوجها من أخلاق السلف، وقد رغب في ذلك الشارع، فقد روى الطبراني بسند حسن كما قال المنذري والألباني أن سعدى المرية زوجة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه قالت: دخلت يوماً على طلحة فرأيت منه ثقلاً، فقلت له: مالك؟ لعلك رابك منا شيء فنعتبك، فقال: لا، ولنعم حليلة المرء المسلم أنت.
وقد دل على فضل ذلك ما في الحديث: ألا أخبركم بخير نسائكم من أهل الجنة! الودود الولود العئود لزوجها التي إذا ظلمت قالت: هذه يدي في يدك لا أذوق غمضاً حتى ترضى. رواه الدارقطني والطبراني، وحسنه الألباني.
وفي رواية للنسائي في الكبرى.. التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول: والله لا أذوق غمضاً حتى ترضى.
وعلى الزوج كذلك أن يحرص على معاشرة زوجته بالتي هي أحسن ويقتدي برسول الله صلى الله عليه وسلم في أخلاقه ومعاشراته، فقد كان جميل العشرة، دائم البشر، سهل الخلق، لين الكلام، لا يواجه أحداً بما يكره، وكان يداعب أهله، ويتلطف بهم، ويضاحك نساءه ويباسطهن، وقد خدمه أنس بن مالك عشر سنين وهو غلام، فذكر أنه لم يلمه على شيء فعله أو تركه.
وعليه؛ أن يراجع نفسه في ما يحصل من كراهية لزوجته، ويقارن ما يلاحظه عليها بما قد يكون موجوداً عندها من الصفات الحميدة، ويتذكر الحديث: لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقاً رضي منها آخر. رواه مسلم.
وعلى المرأة أن تبتعد عن طلب الطلاق، إلا إذا دعتها الضرورة، لما في الحديث: أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غيرما بأس فحرام عليها رائحة الجنة. رواه أحمد وأبو داود وصححه الأرناؤوط والألباني.
والله أعلم.