عنوان الفتوى : وجه بناء الفعل للمفعول في قوله تعالى: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

السؤال

هل يجوز القول بأن الفعل المبني للمجهول 'أُعِدَتْ' في الآية رقم: 131 من سورة آل عمران بُنِي لمفعوله لنقل الصورة الغيبية للنار المجهولة لدى الإنسان، والتي لا تدركها حواسه؟
وجزاكم الله كل خير.

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:                          

 فلم نقف على كلام للمفسرين في نكتة بناء الفعل "أُعدت" للمفعول في قوله تعالى: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ {آل عمران:131}، ونظائره في القرآن الكريم.

وعلى كل حال: فإن العلماء يتكلمون عن الأغراض البلاغية، والأسباب البيانية لحذف الفاعل عموما، قال الزركشي في كتابه: البرهان في علوم القرآن: أما حذفه وإقامة المفعول مقامه مع بناء الفعل للمفعول فله أسباب:
منها: العلم به، كقوله تعالى: {خلق الإنسان من عجل} . {وخلق الإنسان ضعيفا} ونحن نعلم أن الله خالقه.
قال ابن جني: وضابطه أن يكون الغرض إنما هو الإعلام بوقوع الفعل بالمفعول، ولا غرض في إبانة الفاعل من هو.
ومنها: تعظيمه كقوله: {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} إذ كان الذي قضاه عظيم القدر.
وقوله: {وغيض الماء وقضي الأمر} .

وقوله: {والذين يؤمنون بما أنزل إليك} قال الزمخشري في كشافه القديم: هذا أدل على كبرياء المنزل وجلالة شأنه من القراءة الشاذة [أنزل] مبنيا للفاعل كما تقول: الملك أمر بكذا ورسم بكذا وخاصة إذا كان الفعل فعلا لا يقدر عليه إلا الله؛ كقوله: {وقضي الأمر} قال: كان طي ذكر الفاعل كالواجب لأمرين:
أحدهما: أنه إن تعين الفاعل وعلم أن الفعل مما لا يتولاه إلا هو وحده كان ذكره فضلا ولغوا.
والثاني: الإيذان بأنه منه غير مشارك ولا مدافع عن الاستئثار به والتفرد بإيجاده.

وأيضا فما في ذلك من مصير أن اسمه جدير بأن يصان ويرتفع به عن الابتذال والامتهان، وعن الحسن: لولا أني مأذون لي في ذكر اسمه لربأت به عن مسلك الطعام والشراب.
ومنها: مناسبة الفواصل، نحو: {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} ولم يقل يجزيها.
ومنها: مناسبة ما تقدمه، كقوله في سورة براءة: {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون} ، لأن قبلها: {وإذا أنزلت سورة} على بناء الفعل للمفعول فجاء قوله: {وطبع} ليناسب بالختام المطلع بخلاف قوله فيما بعدها: {وطبع الله على قلوبهم فهم لا يعلمون} فإنه لم يقع قبلها ما يقتضي البناء فجاءت على الأصل .اهـ.

ومن هنا فيمكن أن يقال: إن الفعل "أعدت" بني للمفعول لتعظيم الفاعل وهو الله -جل وعز-، وللعلم به، وأنه لا يقوم بهذا الفعل سواه سبحانه، وإعلاما بأنه تعالى متفرد بإعداد النار لا شريك له في ذلك.

وأما قولك: (بني لمفعوله لنقل الصورة الغيبية للنار المجهولة لدى الإنسان، والتي لا تدركها حواسه): فلا يظهر لنا وجهه.  

والله أعلم.

أسئلة متعلقة أخري
هل ينطبق وصف (الطيبون للطيبات) على التائب من الزنا؟
المراد بالإحسان في آية: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ، وكيفية تسبيح الكفار
تفسير قوله تعالى: وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ...
العلة في التفريق بين الظاهر والخفي من زينة المرأة
معنى كون الناس مولودين على الفطرة
تفسير قوله تعالى: فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ...
معنى: "كُلَّ ذِي ‌ظُفُرٍ" وعلة تحريم لحم الأرنب على اليهود