عنوان الفتوى : معنى قول الرسول: وأنا أول المسلمين
لقد بينتم في إحدى الفتاوى أن قول الأنبياء: وأنا أول المسلمين (أو المؤمنين) تم تفسيره على أن القائل أول من آمن من قومه.
ولكن الرسول حين قال: لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ. ألم يكن ورقة بن نوفل من أول من أسلموا على شريعة عيسى عليه السلام أو موسى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أول من أسلم من أمته.
قال في أضواء البيان: قَوْلُهُ تَعَالَى: قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ الْآيَةَ، يَعْنِي أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ الَّتِي أُرْسِلْتُ إِلَيْهَا، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ، كَمَا بَيَّنَهُ تَعَالَى بِآيَاتٍ كَثِيرَةٍ تَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الْمُسْلِمِينَ قَبْلَ وُجُودِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَوُجُودِ أُمَّتِهِ. اهــ.
وورقة بن نوفل كان نصرانيا، ولم يكن مسلما. ففي الحديث عند البخاري وغيره في قصته: وَكَانَ امْرَأً تَنَصَّرَ فِي الجَاهِلِيَّةِ. اهــ.
ولو فرض أنه كان على دين عيسى، ولم يكن على عقيدة النصارى في التثليث، فإن هذا لا يعارض كون النبي -صلى الله عليه وسلم- هو أول من أسلم؛ لأن إسلام أولئك كان عاما على غير هدى يسيرون عليه، ومن عمل منهم بشريعة سابقة، فقد نسخت بشريعة محمد -صلى الله عليه وسلم-، فكان هو عليه الصلاة والسلام أول المسلمين من هذه الأمة بهذا الاعتبار، وهذا ما أشار إليه بعض المفسرين.
جاء في حاشية الشهاب على تفسير البيضاوي في تفسير سورة الزمر عند قول الله تعالى: وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ الْمُسْلِمِينَ. {سورة الزمر:12}، مجيبا على هذا الإشكال: وفيه أنّ أهل السير ذكروا أن بعض قريش كان يتحنف ويتعبد بدين حق في الفترة كورقة بن نفيل وأشخاص أُخر، إلا أنه لا يعد ذلك في جنبه شيئاً، فإنه لم يكن عن تحقيق قاطع لغرق الشبهة، وقد صار منسوخا برسالته -صلى الله عليه وسلم- ... والمراد الإسلام على وفق الأمر. اهــ.
والله أعلم.