عنوان الفتوى : من قال: "عليّ الطلاق سوف تدفع لي ذلك المال" ولم يحدد وقتًا معينًا
السؤال
رجل قام ببعض أعمال البناء لأخي زوجته، ولم يأخذ عليها أجرًا، وعدّها هبة أو هدية، وبعد ذلك بسنتين قام أخو الزوجة بفتح موضوع ذلك العمل الذي قام به زوج أخته في مجلس أمام بعض الرجال، وكان كلامه مستفزًّا؛ فغضب زوج أخته، وقال: "عليّ الطلاق من أختك، سوف تدفع لي ذلك المال -يقصد ثمن أجرة العمل الذي قام به قبل سنتين مجانًا-"، ولكنه لم يحدد وقتًا معيّنًا للوقت الذي يريد فيه المال، وبعد أن هدأ غضبه، ندم على قوله ذلك، لأنه لا يريد مالًا أو أجرة لقاء ذلك العمل؛ لأنه كان - وبكل وضوح- خدمة من غير مقابل، فهل يقع هذا الطلاق إذا لم يأخذ المال من أخي زوجته؟ مع أنه لا يريد الرجوع في هبته، ولكنه يسأل ماذا يجب عليه الآن، وهل يجوز من باب إيجاد مخرج من ورطته هذه أن يجعل أحد أقاربه يدفع المال لأخي زوجته، ثم يأخذ هذا المال من أخي زوجته، ثم يعيده له بطريق ملتوية؛ لكي يحقق يمين الطلاق ذلك، فلا تحسب طلقته؟ مع العلم أنه هذه هي المرّة الأولى التي يحلف فيها بالطلاق، وهل هو آثم إذا جامع زوجته بعد حدوث هذه القصة، وقبل أن يعلم إن كان الطلاق سيقع أم لا؟ والسبب في عدم حصوله على جواب، أنه لم يجد أحدًا عنده علم شرعي ليستفتيه.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمفتى به عندنا أنّ الزوج إذا حنث في يمينه؛ وقع طلاقه.
وما دام لم يقصد زمنًا معينًا، فلا يحنث إلا إذا لم يأخذ المال من أخي زوجته حتى آخر زمان الإمكان، وهو موت أحدهما؛ فيقع طلاقه حينئذ، وانظر الفتوى: 203128.
ولا يبرّ في يمينه بالحيلة المذكورة، قال ابن القيم -رحمه الله-: وقال (الإمام أحمد) في رواية الميموني، وقد سأله عمن حلف على يمين، ثم احتال لإبطالها، فقال: نحن لا نرى الحيلة.
وقال في رواية بكر بن محمد: إذا حلف على شيء، ثم احتال بحيلة، فصار إليها؛ فقد صار إلى ذلك الذي حلف عليه بعينه.
وقال: من احتال بحيلة؛ فهو حانث. انتهى من إعلام الموقعين.
ولا إثم على الزوج في جماع زوجته قبل أن يبرّ في يمينه، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: وَلَا يُمْنَعُ مِنْ وَطْءِ زَوْجَتِهِ قَبْلَ فِعْلِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. انتهى.
فإذا وقع طلاقه؛ فله مراجعة زوجته في عدتها، وقد بينا ما تحصل به الرجعة شرعًا في الفتوى: 54195.
وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- يرى أنّ الزوج ما دام لم يقصد إيقاع الطلاق؛ فلا يقع طلاقه بحنثه في يمينه، ولكن تلزمه كفارة يمين، وانظر الفتوى: 11592.
والله أعلم.