عنوان الفتوى : دلالة ازدياد التعلق بالمرأة بعد تكرارالاستخارة
السؤال
أنا أسكن في إحدى البلدان الأوروبية، وأحب فتاة أجنبية مسلمة، ونحن زملاء في العمل، وتعرفنا إلى بعضنا في حدود الحب الشريف بعيدًا عن الغرائز، ونحن متفاهمان ومتحابَّان إلى أبعد الحدود، وهي زوجة المستقبل في نظري، وأحبّها كثيرًا، وهذا ليس بإرادتي، وهي تحبني جدًّا، وهي ليست عذراء بسبب عادتهم في بلادهم؛ حيث بإمكانهم عمل علاقة دون زواج، ولكنها مسلمة، وأنا لا أحبّ ذلك؛ لأن الله عز وجل نهانا عن ذلك.
وأنا عندما أحب فتاة أريد الزواج منها فورًا، والتحدث مع والديها، ولا أحب اللهو بالفتيات، ولم أعاكس فتاة، ولم أقع في معصية مع فتاة؛ لأننا أسرة محافظة دينيًّا وأخلاقيًّا، وهي تبلغ من العمر 31 عامًا، وتكبرني بسبع سنوات، وقد تحدثت معي عن حياتها، وقالت لي: إنها أقامت ثلاث علاقات سابقة دون زواج، وإنها ليست عذراء، وأنا معجب بها جدًّا؛ لأنها لا تكذب أبدًا، وتكره الكذب، وتعامل الناس باحترام، ولا تعامل أحدًا بطريقة سيئة، وتعامل الناس جميعًا برحمة، وتعامل الحيوان برفق ورحمة، وتملك قططًا ونباتات في منزلها، وتطعمها، وعندما ترى حيوانًا في الشارع -قطة، أو كلبًا- تقف فجأة، وتطعمه وتسقيه لمدة دقيقتين أو أكثر، وتعطيه الشعور بالاطمئنان. وأسأل الله أن يجعل ذلك في ميزان حسناتها، ويغفر لها جميع ذنوبها؛ لأني رأيت كثيرًا من الناس يُصلُّون، ويصومون، ولم يقعوا في الزنى، ولكنهم يعاملون الناس جميعًا بسوء، ويكذبون طوال الوقت، ولا يعطفون، وليس في قلوبهم رحمة بالحيوان، وقلت لها: من الصعب أن نكمل؛ لأن العادات مختلفة، ولكننا سنظل زملاء بالمعروف، وصليت صلاة الاستخارة، وبعد صلاة الاستخارة زاد تعلقي بها أكثر، وهي كذلك، ورجعنا بنفس شعور الحب، بل أكثر من قبل، ولكن دون معصية، وفي حدود الحب الشريف، وشرع الله، والأخلاق الحميدة، فكررت قولي لها: إننا من الصعب أن نكمل؛ لأن العادات مختلفة، وصليت صلاة الاستخارة ثانية، وزاد حبّي وتعلقي بها أكثر، وهي كذلك، وكررتها للمرة الثالثة، وزاد التعلق بها أكثر، والمشكلة هي أني لا أستطيع تقبل فكرة أن تكون زوجتي ليست عذراء، وفي المقابل لا أستطيع الابتعاد عنها؛ لأني أحبّها جدًّا جدًّا، فما الحل؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنشكرك على ما ذكرت من اجتنابك معاكسة الفتيات، والوقوع معهنّ في شيء من المعاصي والفجور، فجزاك الله خيرًا، وزادك هدىً، وتقىً، وصلاحًا.
وقد سبقت لنا فتوى فيها تفصيل في حكم الحب بين الرجل والمرأة الأجنبية، فراجع الفتوى: 4220 للأهمية.
وإن كان وقع في قلبك حب هذه المرأة، وهي كذلك، فقد ثبت في سنن ابن ماجه أن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم ير للمتحابين مثل النكاح. فالزواج من خير ما يطفأ به نار العشق في القلب.
ومجرد كون المرأة ليست عذراء لا يمنع شرعًا من الزواج منها، وكذلك وقوعها في الزنى، إن تابت منه، وأصبحت صالحة، فاعتبر بحالها الآن.
وما ذكرت من رحمتها بالناس وبالحيوان أمر طيب، ولكنه لا يعني أنها أهل لزواجك منها، وأنها صالحة في دِينها، وخُلُقها.
وما ذكرت من شدة تعلقك بهذه المرأة بعد الاستخارة في المرات الثلاث، لا يعني أن هذه نتيجة الاستخارة، فالعبرة في ذلك بالتوفيق إلى الشيء المستخار فيه من عدمه، كما هو مبين في الفتوى: 123457.
وفي نهاية المطاف: إن تيسر لك الزواج من هذه المرأة، فذاك، وإلا فيجب أن تكون على حذر من كل ما يقود للفتنة معها، وراجع لمزيد الفائدة الفتوى: 30003.
وننبه إلى أنه قد كان الواجب على هذه المرأة أن تستر على نفسها فيما وقعت فيه من معصية الله تبارك وتعالى، وأن لا تخبرك، أو تخبر غيرك بهذه المعصية، وانظر الفتوى: 33442.
والله أعلم.