عنوان الفتوى : حسن الظن بالله بإجابة الدعاء
السؤال
قلبي يتقطع، وأشعر أن الله لم يوفقني لقيام ليلة القدر، ولم يقبلني، والشعور بالذنب سيقتلني.
كنت حريصة على قيام ليلة القدر، ولكن يوم 26 كانت حالتي النفسية سيئة جدا، وتشاجرت مع أمي؛ لأنها منعتني من شيء كنت أرغب فيه بشدة، "هنا أغضبتها، وهذا سبب كاف لكي لا يقبلني ربي هذه الليلة"
ثم دخلت غرفتي وبكيت كثيرا حتى نمت، استيقظت لأجد الوقت منتصف الليل، فهممت بالاستحمام لأصلي العشاء، ثم القيام والدعاء الذي أكرره كثيرا، وقراءة القرآن كما أفعل كل يوم تحسبا لليلة القدر، لكن بعد الاستحمام وجدت أنه قد بقيت ساعة واحدة فقط على الفجر، في اللحظة التي دخلت لكي أتوضأ (أصبحت معذورة من الصلاة) شعرت بحسرة كبيرة جدا، فقد كنت طاهرة قبل لحظات، وكان بإمكاني أن أصلي وأقرأ وردي وأدعو، لكني نمت، ثم تأخرت حتى لم يبق من الليلة سوى ساعة، وهذا بالضبط الوقت الذي فقدت فيه طهارتي.
فجلست في فراشي أدعو، ولكني شعرت أنه لن يقبل مني هذا الدعاء الناقص دون صلاة ولا تلاوة، فقد كان بإمكاني أن أفعل هذا وأنا طاهرة، وأن أصلي فرض العشاء والقيام وأقرأ وردي، لكنني تأخرت حتى ضاق الوقت، ثم فقدت طهارتي في اللحظة التي جئت لأفعل فيها كل هذا.
عرفت سبب بكائي وضيقي وهو (العذر) فدائما قبل العذر بساعات أكون في حالة نفسية سيئة جدا، وأحيانا أبكي بلا سبب، لكن لو تماسكت قليلا وصليت العشاء في وقتها بدل أن أنام واستعجلت قليلا لأدركت الصلاة والدعاء، ولما فاتني شيء، لكني أخرتها. ولما جئت لأصلي فقدت طهارتي، كأن الله قد كتب أنه لا حظ لي في هذه الليلة من الاستجابة والبركة. ويا لخسارتي لو كانت هذه هي ليلة القدر.
قلبي ضاق بي. أرجوكم أفيدوني لو تصادف أن الليلة هي ليلة القدر. هل سيقبل دعائي أم لا؟
جزاكم الله خيرا، وجعله في ميزان حسناتكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا يمكننا أن نعلم هل قبل الله دعاءك أم رده؟ لأن قبول الدعاء وعدم قبوله أمرٌ غيبي يعلمه الله تعالى ولا يعلمه الناس، فقد لا يقبل دعاء من دعا من أول الليل؛ لوجود مانع من موانع إجابة الدعاء. وقد يقبل دعاء من دعاء في آخر ساعة من الليل؛ لتوفر شروط إجابة الدعاء.
والمسلم مطالب بكل حال بحسن الظن بالله تعالى، وفي الحديث: ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ، وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لَاهٍ. رواه الترمذي.
وروي عن الإمام سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ أنه قال: لاَ يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ مِنَ الدُّعَاءِ مَا يَعْلَمُ مِنْ نَفْسِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَل أَجَابَ دُعَاءَ شَرِّ الْخَلْقِ إِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللَّهُ إِذْ {قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ} {الحجر:36-37}.
فنوصيك أيتها الأخت السائلة بحسن الظن بالله تعالى، وأن تجتهدي مستقبلا في الحرص على الطاعة لا سيما في مواسم الخيرات، وأن تحذري التسويف والتأجيل، ثم الحذر الحذر من عقوق الوالدين؛ فإن المشاجرة مع الوالدة عقوق، وأقبح ما يكون في مواسم الخيرات كرمضان، وانظري أخيرا الفتوى: 2647عن حكم من حاضت بعد دخول الوقت.
والله أعلم.