أرشيف المقالات

من أشد منا قوة.. بين أمريكا وإيران - ناصر بن سليمان العمر

مدة قراءة المادة : 24 دقائق .


قال تعالى: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَكَانُوا بِآياتِنَا يَجْحَدُونَ} [فصلت:15]، يقول الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله: افتخرت عاد لقوتها فقالوا {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً} ولكن الله بيّن أنهم ضعفاء أمام قوة الله فقال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}، فأرسل عليهم هذه الريح وأهلكهم الله جل وعلا عقوبة على قولهم {مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}.


وقفتي اليوم أيها الإخوة مع هذه المسألة بما يناسب الوقت :

{وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}، هذا المنطق هو الذي كان يستخدمه الروس الشيوعيون -قبل سقوط دولتهم- حتى إن واحدًا من حكامهم المتغطرسين قتل في سنوات حكمه قرابة ستين مليونًا من البشر من المسلمين وغير المسلمين، واجتاح أوروبا الشرقية كما تعلمون وقصة المجر وربيع براغ معروفة..
كانوا لا يبالون ولسان حالهم يقول: من أشد منا قوة؟..
فتك وظلم وطغيان وجبروت. مارس الشيوعيون أبشع الجرائم في وقتهم ومع ذلك، ومع كل هذه القوة العظيمة الضخمة الهائلة والجبروت والطغيان الذي أودى كما قلت بحياة ستين مليون شخص في عهد حاكم واحد من حكامهم قُتلوا بغير حق..

بعد كل ذلك الجبروت والطغيان ماذا كانت النتيجة؟ خاوية على عروشها.. انتهت الشيوعية في لحظات، لم تلبث طويلا، وإن بقيت ستين أو سبعين سنة، فالسنة في عمر الدول لا تعد شيئًا، وخاصة إن كانت دولة في غاية القوة..
كان الاتحاد السوفيتي في غاية القوة، بل كان المنافس الأول لأمريكا وأوروبا الغربية وغيرها..
وصل المد الشيوعي إلى داخل أوروبا الغربية وحكم الشيوعيون بعضًا من بلاد أوربا الغربية كما حكموا بلادا من أمريكا الجنوبية ولا يزالون الآن في بعضها مثل كوبا.
حتى الدول التي لم تغزها بالسلاح مباشرة غزتها بالأفكار ووجدت الأحزاب الشيوعية ولو سميت تلطيفًا اشتراكية في قلب الدول الرأسمالية وحكمت الأحزاب الاشتراكية إيطاليا وفرنسا ودخلت حتى إلى أمريكا لكن لم تصل إلى الحكم.
أما أمريكا الجنوبية فاجتاحتها الشيوعية بشكل قوي جدًا..دول كبرى عظيمة اجتاحتها الشيوعية تحت شعار (من أشد منا قوة).
استخدموا فقط سلاح القوة فقط، اجتاحت دولا عربية، دول عربية كثيرة أعلنت الشيوعية والاشتراكية مذهبًا للحكم.

بل حتى وصل التأثر بالمد الشيوعي والتأثر بالأفكار الاشتراكية إلى بعض العلماء والدعاة والأخيار فسعى بعضهم -وقد توفى رحمه الله- ليراعي الوضع ويؤلف كتاب (اشتراكية الإسلام) لأن الجو كان مشبعًا بالحماس والدعوة للشيوعية والاشتراكية، فحين ألف ذلك الكتاب كأنه أراد أن يقول: إن كنتم تريدون الاشتراكية فتعالوا إلى الإسلام فإن فيه اشتراكية.
طبعًا ما تحدث عنه في كتابه إنما كان مبادئ وتشريعات إسلامية لا خلاف عليها مثل التراحم والتعاون والتكافل.


لكن يبقى أن العنوان (اشتراكية الإسلام) فيه مشكلة، ويدل على التأثر بالجو السائد آنذاك.

الحقيقة أن الإسلام ليس فيه اشتراكية.
نعم..
الإسلام يقدر حقوق الناس ويسعى إلى العدالة والمساواة بضوابطها (إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا) وفيه الزكاة وفيه مظاهر التكافل الأخرى، لكن ما نسميها اشتراكية.

أقول: بسبب سيطرة الشيوعية على بعض البلاد العربية في السبعينات الهجرية، الخمسينات الميلادي، حكم في بعض البلاد العربية شيوعيون حمر..
أسالوا الدماء وقتلوا الأبرياء وكل ذلك تحت شعار (من أشد منا قوة).
ماذا كانت النتيجة؟ سبحان الله..
والله سنوات معدودة ثم لم تلبث الشيوعية أن انهارت خاوية على عروشها.

وأصبحت روسيا الآن، وقد كانت قلب الشيوعية، ذنبًا لأمريكا والغرب -أكرمكم الله-، واجتاحت أمريكا ومعها أوربا روسيا وجمهوريات الاتحاد السوفيتي الأخرى سياسيًا وثقافيًا بل وحتى عسكريًا! فأين ذهب قولهم: من أشد منا قوة؟


وفي وقتنا هذا..
جاءت أمريكا لتقول بنفس القول وتأخذ بذات المنطق ونفس الأسلوب: من أشد منا قوة ؟

كنت في جامعة الإمام أدرس سورة يس وأفسر قوله تعالى في آخرها {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يّـس:74-75]..
المشركون يقولون اتخذنا هذه الأصنام حتى تنصرنا والحقيقة أن من المشركين هم من نصر الأصنام وليس العكس.
فالأصنام لا تدافع عن نفسها..
هل دافعت عن نفسها لما دخل عليها إبراهيم عليه السلام وجعلها جذاذًا إلا كبيرًا لها ؟! المشركون في قريش يقولون نحن نتخذ الآلهة من أجل أن تنصرنا، قال تعالى {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ} يعني ينصرونهم، {لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ} أي لا تستطيع هذه الأصنام نصرهم.
ثم يقول تعالى {وَهُمْ} أي المشركون ﴿هُمْ﴾ أي للأصنام ﴿جُنْدٌ مُحْضَرُونَ﴾ يدافعون عنهم.

هذه الآية تتمثل الآن معانيها في أمريكا وحلفاء أمريكا.

بعض من يقف إلى جانب أمريكا يقولون نحن مع أمريكا حتى تنصرنا، و الحقيقة أنهم هم الذين ينصرون أمريكا! والله لو تخلى حلفاء أمريكا عنها لسقطت..
كم تبعد أمريكا عن ديار المسلمين يا إخوان؟ آلاف الأميال..
لا تستطيع أن تصل إلينا طائراتها ولا سلاحها..
حتى أعظم سلاح عندها ما يمكن أن يصل إلينا..
لكنها اتخذت من بلاد المسلمين قواعد فاستقوت هي بحلفائها وليس العكس.
نعم بعض المسلمين وبعض العرب الذين يوالون أمريكا يتعللون بأنهم ضعفاء ويسعون إلى أن ينصرهم الأمريكان ويدافعون عنهم، بينما الصحيح هو العكس فهم من يدافع عن أمريكا، وإلا لو تخلت كل دولة عن أمريكا وطلبت كل دولة من أمريكا أن تخرج من أراضيها، فماذا تستطيع أن تفعل أمريكا؟! {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ}.
لو أنهم قاطعوا أمريكا ولم يسمحوا أن تنزل في أراضيهم ما استطاعت أمريكا أن تفعل شيئًا..
أمريكا في أقصى الأرض، ليست مجاورة لنا وليس منها تهديد مباشر.


أمريكا الآن تريد أن تدخل حربًا مع إيران، وإيران تستخدم نفس المنطق و ذات اللغة..
من أشد منا قوة..
بصواريخها وقوتها النووية..
لكن ماذا تريد إيران؟ هل تريد إيران بقوتها أن تسيطر على أمريكا؟ لا.
هل تريد أن تحرر الأقصى وديار المسلمين الأخرى المحتلة ؟ لا.
دعوى إيران بالعمل على تحرير الأقصى وفلسطين هي أكذوبة، والرافضة هم أكذب الناس. الرافضة في إيران هم حلفاء لليهود وهذا بتصريح اليهود أنفسهم، والتاريخ يثبت ذلك، بل الرافضة هم من أقوى حلفاء اليهود مر التاريخ.. ألم يقل شيخ الإسلام ابن تيمية "لو قامت دولة لليهود في العراق لكان أقوى أعوانها الرافضة، أو لو قامت دولة للرافضة في العراق لكان أقوى أعوانها اليهود؟" الآن قامت دولة للنصارى في العراق فصار أقوى أعوانهم الرافضة.كلام شيخ الإسلام صادق في واقعنا الآن، والحِلف بين الرافضة وبين اليهود والنصارى قديم تحدث عنه شيخ الإسلام ابن تيمية ولا يزال قائمًا.

انظروا الحلف القوي الآن في العراق بين الرافضة وبين أمريكا.
بل حتى رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية اليهودي في إسرائيل يقول نحن لا نخشى من الرافضة، ولا نخشى من حزب الله لكن نخشى من المسلمين.

والجعجعة التي صارت في العام الماضي مع كل أسف وذهب وقودها بعض الطيبين والأخيار كانت مأساة.
الآن إيران تعلن بل تطلب من أمريكا أن تكون هي المندوب الإقليمي في المنطقة.
لو قامت الحرب بين أمريكا وإيران ماذا ستفعل إيران..
هل ستضرب أمريكا؟ لن تضرب أمريكا.
هل ستضرب إسرائيل؟ لن تضرب إسرائيل..
ماذا ستفعل إذن ؟ ستضرب دول الخليج! نعم.. هذه حقيقة يا إخوان تنشر الآن في الصحف ووسائل الإعلام.
الآن مقابلات في القنوات الفضائية وفي الصحف وتصريحات لمسئولين كبار في إيران يقولون بوضوح أنهم سيضربون منابع البترول في دول الخليج..
سيضربون دول الخليج..
لن يضربوا إسرائيل مع أنهم يستطيعون أن يصلوا إليها..
ولن يضربوا أمريكا..سيضربون دول الخليج!

إيران تقول بنفس المنطق: (من أشد منا قوة)..
وبهذا المنطق تريد إيران من أمريكا أن توليها أمر الخليج العربي، يقولون ولونا على الخليج فلا أحد في المنطقة أشد منا قوة! نحن وإياكم نجحنا في إقامة حلف في العراق ويمكن أن نكون حلفًا ناجحًا في المنطقة كلها!

الأمر خطير للغاية..
نحن ضد الحرب سواء من أمريكا أو من إيران، والله لسنا مع أمريكا ولا مع إيران..
بدأت طبول الحرب تدق، نسأل الله أن يكفينا شرها..
وبدأنا نسمع من يقول: إذا قامت الحرب فلا تقفوا مع الأمريكان بل قفوا مع إيران..
نقف مع إيران؟! والله مع خطورة أمريكا وشر أمريكا وبلاء أمريكا إلا أن الرافضة أشد منهم شرًا، أدين الله بهذا وألقى الله به، نعم أمريكا هي شر وطغيان وبغي وظلم، لا أشك في هذا، لكن الرافضة والله أشر منهم.

ثم لا يلزم أن أكون مع أمريكا أو مع إيران..
أنا لست مع أمريكا ولا مع إيران..
أنا مع ديني، مع بلدي، مع عقيدتي، مع الدفاع عن بلادنا.
هم يريدون بلادنا يا إخوان ويثيرون الفتن والقلاقل في كل مكان.
من قام بالتفجيرات كما حدث في الشرقية قبل قرابة 12 سنة؟ أليسوا رافضة وهم موجودون في إيران الآن وفي حمايتها؟ الذين فجروا في الخبر أين يعيشون الآن؟ في إيران..
هذا واضح! وتعلمون خبر الذين أرادوا أن يفجروا في مكة عام 1407 من هم؟ ومن يدعمهم، رافضة مدعومون من الرافضة.
كانوا يريدون أن يعملوا جرائم داخل الحج .
وكل سنة يعدون المؤامرات لإفشال الحج وحاولوا كثيرًا ولكن الله رد كيدهم في نحورهم، قال تعالى: {وَالتِّينِ وَالزَّيْتُونِ وَطُورِ سِينِينَ وَهَذَا الْبَلَدِ الْأَمِينِ} [التين:1-3]، نسأل الله أن يبقيه أمينًا، نعم لا يريدون بنا خيرًا، والله لا الأمريكان يريدون بنا خيرًا ولا الرافضة يريدون بنا خيرًا.
 
أنا أخشى يا إخوان من فتنة تقع كما وقعت في مثال مصغر في مواجهة حزب الشيطان مع دولة الصهاينة قبل عام ونصف، حين نشرت بيانات من أناس أخيار تدعو للوقوف مع (حزب الله)..
لماذا؟ قالوا لأن (حزب الله) وقف ضد إسرائيل وضد أمريكا.
ثم حين قيل لهم ألم تنظروا إلى جرائم الرافضة في العراق بحق أهل السنة من العراقيين والفلسطينيين، قالوا لا علاقة بين حرب لبنان وما يجري في العراق! ثم تبين بعد ذلك أن من يدرب الرافضة في العراق هو حزب الله!

نحن نقول إنهم كلهم أعداء، اليهود والرافضة وأمريكا، كلهم أعداء لا شك في عداوتهم.
أنا أخشى عندما تأتي الفتنة وتقع الحرب أن لا يوضع للناس إلا خياران: إما مع أمريكا أو مع إيران!

يا أخي لا مع أمريكا ولا مع إيران، أعوذ بالله أن أكون مع هؤلاء، كلهم أعداء الله، هذه حرب مصالح بينهم إن قامت فنحن وقودها، نحن الذين ندفع الثمن، بلادنا أموالنا أهلونا ديننا، هذا ما يريده أعداؤنا. علينا أن نكون في يقظة قبل أن تقع الحرب ونسأل الله ألا تقع.

البعض يسألني: هل تعتقد أن الحرب ستقع فعلا؟ فأقول: لا أدري.
هذه مصالح..
حرب مصالح..
ما هناك سياسات دائمة بل مصالح دائمة..
طبول الحرب تدق ولكن يمكن التراجع عنها في آخر لحظة.
لو خضعت إيران لمطالب أمريكا في موضوع المفاعل النووي أو اتفقوا على صفقة أخرى لانتهت المشكلة ولم تقم الحرب.
وقد تقع الحرب.
لماذا ارتفع سعر الأرز؟ أتعلمون لماذا ارتفع سعر الأرز؟ من أسباب ذلك أن إيران عقدت مع الهند اتفاقا لشراء حاجتها من الأرز لعشر سنوات قادمة وتخزينه ترقبًا للحرب. الذين ذهبوا لإيران يرون الاستعداد للحرب في تخزين الأطعمة والأموال وعقود طويلة الأجل..
ناس يعملون بجد لتحقق أغراضهم مع كل أسف، وكل وقت يعلنون عن صواريخ جديدة واستعراض للقوة, نفس المنطق: من أشد منا قوة، أي نحن أقوى دولة في المنطقة، وأمريكا تقول نحن أقوى دولة في العالم، يعني الحرب تكون بين من يدعي أنه أقوى دولة في العالم مع من يدعي أنه أقوى دولة في المنطقة، ونحن نتفرج!

الله الله يا إخوان..
هذه فتن عظيمة، فحذار أن تزل قدم بعد ثبوتها. وقد مرت علينا فتن وزلت فيها أقدام وأفهام ولولا أنني اطلعت قبل أسبوع على كتابات لبعض الأخيار يدعو فيها إن قامت الحرب أن لا نقف مع أمريكا بل نقف مع إيران بحجة أن إيران ضد إسرائيل! من قال إن إيران ضد إسرائيل؟ لا ليست ضد إسرائيل ولا ضد اليهود ولا ضد أمريكا..
هي مصالح معينة، قد تقول كيف؟ فسرها لي؟ فأقول: في البيت الواحد ألا يقع خلاف؟ ألا يقع الخلاف بين الأخوين بسبب مصالح معنية؟ ألا يقع الخلاف بين الأب وابنه؟ والله كم قضية دخلت فيها بين أب وابنه..
قضية حقيقية.. مشكلات حقيقية بسبب مصالح بين أب وابنه، مع أنهم كلهم إذا جلست معهم يقولون نحن عائلة واحدة ونريد لقضيتنا أن تكون محصورة، لكن فيه خلاف بين الأب وابنه أو بين الإخوة، فيقع الخلاف بل يقع القتال..
ألم يقتتل أبناء آدم {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ} [المائدة:من الآية 27]، واحد قتل الآخر بسبب الحسد .
قول البعض كيف يقع بينهم قتال وهم حلفاء؟ أنا ما أقول أنهم حلفاء بل أقول إن بينهم مصالح.
ما أقول أنهم حلفاء بل كل واحد يمكر بالآخر لكن بينهم مصالح وأقوى دليل على ذلك هو اتفاقهم في العراق.
على مر التاريخ ماذا فعل الرافضة مع اليهود؟ ماذا فعلوا مع النصارى؟ تضليل وكذب وحرب إعلامية.
ولو وقعت الحرب فهي حرب مصالح.

إذن يجيب أن لا يضطرنا الناس إلى أن نكون إما مع أمريكا أو مع الرافضة.
نحن لسنا مع أمريكا ولا مع الرافضة.
نحن مع ديننا، مع عقيدتنا وبلادنا.
نحن نسعى لاستتباب الأمن في هذا البلد والأمن مسؤولية الجميع ومن أعظم الأمن أمن العقول أمن العقيدة .
قد تقع فتن ما ندري ماذا يحدث جراءها..
فتن أيها الإخوة والله تدع الحليم حيرانًا، فدعونا ننتبه لهذا الأمر:
أولا: ننتبه للخطر قبل وقوعه.

ثانيًا: لا أحد يضطرنا إلى خيارين لا ثالث لهما: أنت مع هذا أو مع هذا؟ أنا لست مع هذا ولا مع ذاك، نحن مع ديننا، مع عقيدتنا، مع بلادنا، مع أمننا.
لا مع أمريكا ولا مع الرافضة.
لا يحدد لنا الأعداء أين نكون.
هم يتقاتلون علينا، أمريكا والرافضة يتقاتلون علينا يا إخوان على مصالحنا على بترولنا على أمننا فلنكن بهذه اليقظة.
 
لغة (من أشد منا قوة) هي السائدة، ماذا كانت نهاية قوم عاد؟ الهلاك، {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَرا} [فصلت:من الآية 16]، نعم أرسلها الله جل وعلا عليهم كذلك كما انتهت عاد وانتهت قريش وكانوا يرون قوتهم.

فهذا دعوى (من أشد منا قوة)..
الروس قالوا من أشد منا قوة، أين الروس، أمريكا الآن تقول من أشد منا قوة، سنرى ما سيؤول إليها أمرها. سمعت أمس تصريحًا للشيخ حارث الضاري يقول فيه أن أمريكا الآن في أسوأ أحوالها في العراق والحمد لله.
أمس القريب! هذا الخبر أمس القريب، يقول فيه الشيخ الضاري أن الاحتلال في أسوأ أوضاعه.
وهو لما يقول الاحتلال فإنه يقصد الأمريكان والرافضة أيضًا، هم حلفاء لبعضهم.. الحكومات العراقية التي تم تشكيلها منذ أن جاءت أمريكا هي حكوميات رافضية.
فلا تغتروا بقوتهم؛ لأن الله أقوى منهم، عظّموا الله جل وعلا، املئوا قلوبكم بتعظيم الله جل وعلا.
إن انتصروا مرة فالحرب سجال، وجولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى قيام الساعة ودولة الحق إلى قيام الساعة.

أخشى ما أخشاه اللهَ..
أن تضعف القلوب ..
وإن أتينا فمن أنفسنا {أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ} [آل عمران:من الآية 165]، إذا كان هذا يقال لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في أحد فماذا نقول عن أنفسنا؟
مجموعة كتبوا بيانًا قبل أقل من شهر ونصف أو شهرين وقّع عليه أكثر من مئة شخص.
خطاب للغرب بلغة ضعيفة..
فيهم ناس نحسبهم أخيارًا وفيهم أناس لا نعرفهم..
يا إخوان هذا من الضعف أمام العدو..ضعف! سبحان الله تألمت والله يا إخوان: هذا مؤلم، لماذا نخاطب الغرب بهذه اللغة الضعيفة؟ لماذا نخاطب الغرب بلغة الهزيمة؟ هذه الهزيمة التي نخشاها! الهزيمة ليست هزيمة الأرض مع خطورتها إنما هزيمة القلوب فأخشى على الأمة من أن تُهزَم في قلوبها أخشى أن لغة (من أشد منا قوة) التي قالتها عاد وقريش وقالتها روسيا وتقولها أمريكا اليوم دخلت في القلوب!

كما ضرب الله في آخر سورة الحج مثل الذباب، {ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ} [الحج: من الآية73]، أين هي أمريكا وما هي قوة أمريكا؟ قوة أمريكا جاءت بسبب ضعفنا -مع كل أسف- بسبب {وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَهُمْ وَهُمْ لَهُمْ جُنْدٌ مُحْضَرُونَ} [يّـس:74-75]، هنا الخطورة.

ألا فلنكن على يقظة ونلتجئ إلى الله جل وعلا أن يحمي بلادنا وبلاد المسلمين من هذه الأحداث التي لا مصلحة لنا فيها، الحرب لا مصلحة لنا فيها ونحن خاسرون سواء انتصرت إيران أو انتصرت أمريكا.
نحن الخاسرون وهذه كارثة.
فلنكن على بينة ولا يُمتحن الناس ويضطروا إلى أن يكونوا مع أمريكا أو مع إيران.
لا مع أمريكا ولا مع إيران أنا مع ديني وعقيدتي وبلادي وأحافظ على بلادي وتلك هي مسؤولية الجميع.
هذه بلاد الإسلام وما يقع فيها يؤثر في بلاد العالم كله.
امتن الله على عباده بهذا الأمن {لِإِيلافِ قُرَيْشٍ . إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ .
فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَـٰذَا الْبَيْتِ . الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}
[قريش:1-4]، والأمن ليس مسؤولية جهة واحدة بل الأمن مسؤولية كل واحد رجل، امرأة، مسؤول، وزير، أمير، صغير، كبير، كلنا مسئولون عن هذا الأمن.
!


والإرهاب ليس في الجانب الذي تتحدث عنه الصحف فقط، الجانب الآخر الإرهاب الفكري من هؤلاء المنافقين والعلمانيين، بأذني سمعت أحد أساتذة كلية الشريعة يقول: قام طالب في الكلية وقال يا شيخ دخلت على موقع يديره أناس من أهل هذه البلاد قرأت فيه مقالا لأحدهم يقول فيه: إن كان الله موجودًا فكذا وكذا !

إحدى الصحف الأسبوع الماضي نشرت كلامًا مؤداه أن ليس كل ما في القرآن من كلام الله، كيف؟! قال {وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى} [آل عمران:من الآية 36]، هذا ليس من كلام الله هذا من كلام امرأة عمران ليس من كلام الله وأن الله جل وعلا ساقه في مقام النعي! لا حول ولا قوة إلا بالله..
يكتب هذا الكلام في إحدى صحفنا ومن أحد أبنائنا..
هذا هو الإرهاب يا إخوان، هذا التطرف هذا هو الغلو.
يجب أن لا نفهم الغلو من وجه واحد فقط، هناك غلو في الطرف الأخر..
وكل ذلك غلو، الذين يفجرون في البلاد غلاة، الذين يكفرون العلماء غلاة، وفي الوقت نفسه هؤلاء غلاة وهؤلاء إرهابيون. نعم..
الذين يقولون في دين الله هذا الكلام في صحفنا علانية يجب أن يحاكموا ويعاقبوا كما عوقب أولئك.
كل دلك إرهاب بل ربما كان إرهاب الغلاة بسبب إرهاب الجفاة والمنافقين والمعتدين على دين الله.

ديننا عظيم يا إخوان ومسؤوليتنا عظيمة في المحافظة على ديننا وعقيدتنا وبلادنا، والفتن لا خير فيها، إذا جاءت البلاء يقول حذيفة رضي الله عنه: "فابتلينا حتى أصبح أحدنا لا يصلي إلا سرًا" كما في صحيح مسلم ، الأمر عظيم، فلنعد إلى الله، نتقي الله، نحذر من تأثير المعاصي والذنوب، نعظّم الله جل وعلا.

وأخيرًا..
أروي قصة إنسان بسيط لكنه والله عظيم: لما ذهب الملك عبد العزيز إلى جدة ومعه المجاهدون من الإخوان وغيرهم قال بعضهم متخوفًا : إن الإنجليز -وقد كانوا في جدة- معهم طائرات.
فهذا الرجل العامي البسيط سأل: ما الطائرات؟ قالوا: الطائرات تأتي من فوق الناس وتسقط قنابل.
ما كان الناس يعرفون الطائرات يعني تسقط عليهم قنابل طبعًا هم ما كان عندهم لا مدرعات ولا عندهم شيء.
فسأل سؤالاً بسيطًا جدًا فقال: طيب الطائرات هذه فوق الله أم تحت الله؟ طبعًا هو سؤال له معنى. قالوا: استغفر الله، بل هي تحت الله.
قال :إذا لا تهمكم.

بعض الإخوان يقسم بالله أن في أيام الحرب الهندية الباكستانية، في عام 65 ميلادي تقريبًا يقسمون بالله أنهم يرون القنابل تسقط من الطائرات الهندية ولا تصل إلى الأرض يقول والله ما تصل إلى الأرض أين ذهبت؟ الله أعلم..

نعم..
يمكن أن تحدث المعجزات وتتهاوى القوة المادية..
لكن متى؟ عندما نعود إلى الله، الملائكة قاتلوا مع النبي صلى الله عليه وسلم كما في سورة آل عمران كما في سورة الأنفال.
نعم اقرؤوا هذا القرآن.
من قال أنهم لا يقاتلون إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ هم يقاتلون مع النبي ومع المؤمنين، هذا من الكرامات.
لكن عندما يكونون فعلاً متبعين للنبي صلى الله عليه وسلم..
ملتزمين بمنهج النبي صلى الله عليه وسلم.. عندما يعدلون..
حين لا يكيلون بمكيالين..
عندما يصدقون مع الله..عندما تتحرر قلوبهم من الرق للعبد أيًّا كان، بهذه يُنصرون بإذن الله.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
 

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن