عنوان الفتوى : هل يستجيب الله دعاء قاطع الرحم؟ وإذا لم يستجب فهل يترك الدعاء؟
السؤال
هل لا يستجيب الله دعاء قاطع الرحم؟ إذا كان الجواب نعم، فهل أترك الدعاء؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب.
وحسب قاطع الرحم من الخذلان ما جاء في الصحيحين من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ اللهَ خَلَقَ الْخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ مِنْهُمْ، قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ: هَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ مِنَ الْقَطِيعَةِ، قَالَ: نَعَمْ، أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ، وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قَالَتْ: بَلَى، قَالَ: فَذَاكِ لَكِ.
وقد ورد من الأثر ما يدل على أن قاطع الرحم، لا يستجاب له، فروى الطبراني، والبيهقي في شعب الإيمان، عن الأعْمَشِ قال: كان ابنُ مسعودٍ جالِسًا بعدَ الصُّبح في حَلقَةٍ، فقال: أَنْشُدُ اللهَ قاطعَ رَحِمٍ لَمَا قام عنَّا، فإنَّا نريدُ أَنْ نَدْعُوَ ربَّنا، وإنَّ أبوابَ السماءِ مُرْتَجَةٌ دونَ قاطعِ رَحِمٍ.
والحديث الذي ورد فيه عدم إجابة دعاء من دعا بإثم، أو قطيعة رحم، يدل على عدم إجابة الدعاء المتضمن لذلك.
ومعنى الدعاء بقطيعة الرحم بيَّنه العلماء، قال الصنعاني في كتابه التحبير في إيضاح معاني التيسير: والدعاء بقطيعة الرحم: أن يدعو على رحمه بإصابته بما يكرهه. اهـ. فليس في هذا الحديث دلالة إذن على مسألتنا، وهو كون قطيعة الرحم تمنع إجابة الدعاء، ولو لم يتضمن محظورًا.
والواجب على من كان قاطعًا لرحمه: أن يبادر للتوبة؛ لأن قطيعة الرحم كبيرة من كبائر الذنوب، ومن أسباب سخط الله تعالى.
وعلى كل حال؛ فلا ينبغي للمسلم أن يترك الدعاء، تاب من ذنوبه أم لم يتب، قال سفيان بن عيينة: لا يمنعنّ أحدكم من الدعاء ما يعلم من نفسه، فإن الله عز وجل أجاب دعاء شر الخلق إبليس لعنه الله، إذ قال: (قَالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) [الحجر:36-37]. اهـ.
والله أعلم.