عنوان الفتوى : الشك في نجاسة الروث
السؤال
كنت مسافرًا إلى مدينة، فرأيت أحد الكلاب يتبرز في الشارع، ولكن مالك الكلب وضع البراز في كيس، ولم يبق للبراز أثر، وفي أحد الأيام دعست على براز، والظاهر أنه لحيوان؛ لأنه لا يعقل أن يكون لإنسان، فظننته لكلب؛ بسبب ما حدث مع الكلب في الحالة الأولى، ولأني لم أر أي حيوانات أخرى غير الكلاب في هذه المدينة هذه، ثم في طريق العودة كنت أمسح الأثر على الشارع، وعند وصولي للمنزل، غسلت المنطقة التي أصيب بها حذائي سبع مرات إحداهن بالتراب، وأخذت التراب من أرض لها نبات، وكنت أغسل الحذاء في حوض، فامتلأ الحوض بالماء والتراب الذي خالطه نجاسة الكلب، فارتدت قطرات الماء إلى ملابسي، ولكن الحوض كان أغلبه ماء وترابًا، ولم يكن هناك أثر للبراز، وعندي عدة أسئلة هي:
هل الأرض التي تبرز عليها الكلب في أول حالة طاهرة؟ وهل التراب الذي أخذته يصلح لتطهير النجاسة؟ وهل حكمي بأن البراز كان لكلب صحيح؟ وهل الماء الذي ارتد على اللبس طاهر؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فسؤالك هذا ناشئ فيما يظهر عن وسوسة، فإن يكن كذلك، فعليك أن تجتنب الوساوس، وألا تبالي بها، ولا تعيرها اهتمامًا.
وحكمك بأن ما كان على الأرض براز كلب، ليس صحيحًا، فعند الشك في كون الروث طاهرًا، أو نجسًا يحكم بطهارته، قال المرداوي في الإنصاف: فائدة: إذا مات في الماء اليسير حيوان لا يعلم هل ينجس بالموت أم لا؛ لم ينجس الماء على الصحيح من المذهب. جزم به في المغني، والشرح. قال المجد في شرحه: لم ينجس في أظهر الوجهين، وصححه في مجمع البحرين. قال في القواعد: وهو الراجح عند الأكثرين. وقيل: ينجس، وأطلقهما ابن تميم، وابن حمدان، وابن عبيدان. وكذا الحكم لو وجد فيه روثة خلافًا ومذهًبا. قاله في القواعد، وغيره، وأطلقهما في الفروع في كتاب الطهارة. وكذلك إن شرب منه حيوان شك في نجاسة سؤره وطهارته. انتهى.
وعليه؛ فما دمت غير متيقن أنها روثة كلب، واحتمل أن تكون لغيره مما يؤكل لحمه، فهي طاهرة.
فإن جزمت بأنها لما لا يؤكل لحمه، فهي نجسة، لكن لا يجزم بأنها نجاسة كلب يجب تطهيرها سبعًا إحداهن بالتراب.
ومن ثم؛ فلم يكن يلزمك ما فعلته.
كما أن النجاسة لا تنتقل من النجس الجاف إلى ما لاقاه من الأشياء الجافة، وانظر الفتوى: 116329، والفتوى: 117811.
والماء المنفصل عن النجاسة عند تطهيرها، محكوم بطهارته، إذا كان غير متغير بها، وانظر الفتوى: 170699.
وبه يتبين لك أن ما وقع منك غلو ظاهر لم يكن إليه داع.
والله أعلم.