عنوان الفتوى : أمسك عليك زوجك وانظر لأخلاقها الحسنة وغض الطرف عن سيئاتها
السؤال
جزاكم الله خيرا.
أنا في سن الثانية والثلاثين، متزوج منذ أربعة أعوام، وأفكر في الطلاق منذ الأشهر الأولى، بل كنت أفكر فيه حتى قبل الزواج، أي في فترة الخطوبة، وقد منعني من ذلك، ''سطحيتي'' حيث إني كنت أفكر في ما قد يصيب الزوجة من ضرر إلخ. ولكن ''حسن'' نيتي لم يصحبه نظر واقعي.
اليوم لي بنت عمرها 3 سنوات، وولد عمره تقريبا سنتان، ولا أكاد أرى أني سأتم حياتي مع زوجتي دون أن تتغير. وذلك لنفس الأسباب التي كانت تدفعني لهذا التفكير منذ سنوات. أساسا هنالك سببان:
زوجتي لا تعتذر، وإن فعلت كان ذلك في الأمور البسيطة، أما في ما يجرح أو يمس الحقوق، فتكتفي بالتغاضي عن ذلك وكأن شيئا لم يحدث. وقد كنت أخبرتها قبل الزواج عن قول أبي الدرداء: إذا رأيتني غضبت فرضني، وإذا رأيتك غضبى رضيتك، وإلا لم نصطحب. وأنه حجر أساس عندي، ولكن الذي أنفذ صبري هو تقصيرها في حقي كزوج، واستخفافها بكل هدوء في حال انفعالي.
عزمت على الطلاق؛ لأني أعاني من القلق يوميا، وحدث أن أصابتني نوبة قلق حادة مع ما تحمل من ارتعاش وبكاء إلخ.
بعد الجدال معها وسماع العجب، في كل محادثة معها لا أسر، بل عادة أكسر داخليا لما ألمس إما من برودة طبيعية، أو بشاشة مفتعلة لدرجة لا تخفى بها على أحد.
المشكلة هي أنني في بلاد الغربة، وإن طلقتها ترجع لبلدنا، وأنا لا بد في تقديري أن ألحق بالأطفال.
سؤالي هو: هل يجب علي أن أصبر على ما أراه سوء خلق فادح عند زوجتي أحيانا، وأحاول قبول غيره مما يفتعل من لطف (وإن كان ذاك يذكرني بنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن جلد الرجل زوجته جلد العبد، ثم يجامعها آخر اليوم. غير أني هنا أنا الذي ليس لي عذار)؟
وهل إن طلقتها علي الرجوع فورا لبلدي، حتى أكون قرب الأولاد؟
مؤخرا أخبرتها أني أنوي تطليقها، وأني سأبدأ بالإجراءات في الأيام المقبلة، والذي يحيرني أنها بالرغم من كل ذلك، تكتفي هذه الأيام بالمعاملة الحسنة، ولكن لا تعتذر عن ما بدر منها أبدا.
أحتار أحيانا أهي حقا مشكلة فهم، بالرغم من توضيحاتي، وتصريحي لها منذ سنين، أم هو عناد؟
معلومة أخيرة: حدثت والدها، لكنه لما أتى، لم يقم سوى بتدليلها أمام عيني، وتقيبل رأسها، وطلب مني الصبر عليها. وأخبرني أنه لا يمكنه أن يصارحها بأنها مخطئة في تصرفها؛ لأنه سوف يصدمها.
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإذا ساءت عشرة المرأة لزوجها؛ فلا يجب عليه الصبر عليها، ويجوز له طلاقها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني، عند كلامه على أقسام الطلاق : ...
والثالث: مباح، وهو عند الحاجة إليه؛ لسوء خلق المرأة وسوء عشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها. انتهى.
وإذا طلقت زوجتك ورجعت بأولادها إلى بلدها؛ فلا يجب عليك الرجوع إلى البلد لتكون قريباً من الأولاد، وجمهور الفقهاء على أنّ الحضانة تكون للأب إذا كان الأبوان في بلدين متباعدين، وبعض العلماء يرى أنّ الحضانة تكون للأمّ ولو كانت في بلد آخر إذا اقتضت مصلحة الطفل أن يكون مع أمّه، وانظر الفتوى: 118375
والذي ننصحك به أن تمسك زوجتك وتعاشرها بالمعروف، ونخشى أن تكون مبالغاً وغير منصف في وصفها بسوء الخلق.
فقد ذكرت أنّها تحسن معاملتك، وتتلطف في التعامل معّك، وهذا الإحسان واللطف ولو كان تكلفاً وتصنعاً؛ فلا تلام عليه المرأة، بل تحمد عليه ويشكر لها.
وعلى فرض أنّ فيها سوء خلق، فينبغي عليك أن تصبر عليها، وتنظر إلى الجوانب الحسنة في صفاتها وأخلاقها، قال تعالى: .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا. {النساء:19}
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: لاَ يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً؛ إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا، رَضِي مِنْهَا آخَرَ. صحيح مسلم.
قال النووي رحمه الله: أَيْ يَنْبَغِي أَنْ لَا يُبْغِضَهَا؛ لِأَنَّهُ إِنْ وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا يُكْرَهُ، وَجَدَ فِيهَا خُلُقًا مَرْضِيًّا بِأَنْ تَكُونَ شَرِسَةَ الْخُلُقِ لَكِنَّهَا دَيِّنَةٌ، أَوْ جَمِيلَةٌ، أَوْ عَفِيفَةٌ، أَوْ رَفِيقَةٌ بِهِ، أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ. اهـ
وللفائدة، ننصحك بالتواصل مع قسم الاستشارات بموقعنا.
والله أعلم.