أرشيف المقالات

الاستهلال في سورة الأنفال: السؤال والجواب ( يسألونك )

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الاستهلال في سورة الأنفال
السؤال والجواب (يسألونك)

تجلَّت براعة الاستهلال بهذا الافتتاح الرائع، الذي يبشر بالخير وبالنصر، ويأذَنُ ببزوغ فجر الإسلام، وبداية عهد النصر والتمكين، فها هو النصر، وتلكم هي الغنائم، فكان السؤال.
 
والسؤال هنا إما سؤال لاستدعاء المعرفة؛ أي معرفة الحكم فيها، لمن هي؟ وكيف توزيعها؟ وإما سؤال استعطاء؛ (قاله الإمام الألوسي)[1]؛ أي يسألونك الأنفال، أو يسألونك مِن الأنفال؛ (قاله الإمام الرازي)[2].
 
وقوله: (يسألونك) يقتضي بيان السائل والمسؤول؛ أما المسؤول، فهو النبيُّ صلى الله عليه وسلم بلا شك، ويقول الرازي: "وأما السائل، فقوله (يسألونك): إخبار عمن لم يسبق ذكرهم، وحسُن ذلك ههنا؛ لأن حالة النزول كان السائل عن هذا السؤال معلومًا مُعَيَّنًا، فانصرف هذا اللفظ إليهم)[3]، ويقول الدكتور أحمد الشحات: (وعبَّر عنهم بالضمير بدلاً من الاسم الظاهر مع أنهم لم يسبِقْ ذِكرهم؛ لقرينة المقام، والتعبير بالضمير أبلغُ؛ لِما فيه من بيان المطلوب، دون التعرُّض لتعيين أشخاص بأعيانهم، وهذا ملمحٌ كريم في أساليب الخطاب..، ثم يقول فضيلته: والسؤال في الآية الكريمة جاء مبهمًا؛ إلا أن الجوابَ عليه مع ما سبقه من ملابسات أسباب النزول عيَّن المراد منه؛ فقوله: ﴿ قُلِ الْأَنْفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ ﴾ يبين أن السؤالَ كان عن الأنفال؛ من أحق؟ أهي للشباب باعتبار تحمُّلِهم العبءَ الأكبر في المعركة، وملاحقتهم المشركين يطاردونهم ويقاتلونهم؟ أم لأنهم كانوا رِدءًا للمقاتلين يفيئون إليهم إذا اقتضت الحاجة ذلك؟ أم تكون للشيوخ؛ أي: لمن استولوا عليها وحازوها دون غيرهم؟ أم أنها لمن كانوا يحرسون النبي صلى الله عليه وسلم؟ أم هي لمن شرَط لهم رسولُ الله صلى الله عليه وسلم عند القيامِ بأعمال معيَّنة؟
 
هذه كلها كانت دوافع السؤال، كما بينتها الروايات التي وردت في أسباب النزولِ، وجاء الجواب معينًا لهذا الإبهام)[4].



[1] روح المعاني، جزء 5، ص 45.


[2] مفاتيح الغيب، الفخر الرازي ( جزء 7، ص 430).


[3] المرجع السابق، ص 429.


[4] يسر المقال في سورة الأنفال، أ.د.
أحمد موسى، كلية أصول الدين القاهرة، ص 39، 40.

شارك الخبر

مشكاة أسفل ٢