عنوان الفتوى : لا ينبغي طلب الطلاق إلا إذا ترجحت مصلحته
السؤال
متزوجة منذ ثماني سنوات من ابن عمي، بناءً على رغبة والدي، ولدي ابنان وبنت، مررت بمشاكل كثيرة معه؛ لأنه إنسان اتكالي بطبعه، يرمي كل شيء على غيره، لا يحب أن يتعب نفسه، يكتفي بوظيفته فقط، ويسرف جدا في المال على أولاده، فيما لا يفيد من مالي الخاص.
أنا أعمل بوظيفتين لتوفير نفقات الحياة صباحا ومساءً، بجانب أعمال المنزل والمذاكرة والحفظ للأولاد، يعود من عمله لينام لليوم التالي غير مسؤول عن أيِّ شيء؛ حتى أولاده لا يربيهم، ولا يعلمهم دينهم، يتشاجرون أمامه، ويشتمون، ويتلفظون بالبذيء معه، ولا ينهرهم بدافع التدليل، ولا يؤدي أيَّ دور معهم، وللأسف اضطررت لحمل المسؤولية في كل شيء وحدي. تشاجرنا سويًّا، واتهمني بأني لا أعمل أيَّ شيء في الدنيا، وأني طول الوقت نائمة. علما بأني أصحو من الرابعة فجرا إلى الحادية عشرة ليلا، وأنا في طاحونة، وهو ينام أحيانا يومًا كاملًا دون حراك، ولا حتى صلاة، واتهمني بأني إنسانة وزوجة سيئة، وأنه نادم على زواجه مني؛ رغم كل ما عملته له، وتحملي لمسؤليته هو وأولاده. أنا تعبت جدا، ووصلت لمرحلة صعبة، وطلبت الطلاق. علما أننا نعيش في بيت عائلة كبير، ولو حصل طلاق سنظل في نفس البيت لكن في شقق مختلفة، وأولادنا بيننا. فهل عليه إثم في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالحياة الزوجية نعمة من أعظم النعم التي ينبغي أن يستشعرها الزوجان، وأن يشكرا الله -عز وجل- عليها بالقيام بكل ما يؤدي لدوامها واستقرارها؛ بقيام كل من الزوجين بما يجب عليه تجاه الآخر، وأن يعرف له مكانه، ويسود بينهما الاحترام، قال تعالى: وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ. [البقرة: 228 ].
ولمعرفة الحقوق الزوجية تراجع الفتوى: 27662.
والحياة الزوجية حياة تكامل وتعاون بين الزوجين، يؤدي كل منهما فيها دوره ويكمل الآخر، وقد كان المثل الأعلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير الأزواج، فهو القائل: خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي. رواه الترمذي وابن ماجه. فقد كان يعين زوجاته في خدمة البيت. روى البخاري عن الأسود قال: سألت عائشة -رضي الله عنها-: ما كان النبي- صلى الله عليه وسلم- يصنع في بيته ؟ قالت: كان يكون في مهنة أهله - تعني خدمة أهله - فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة. فليكن بينكما مثل هذا التعاون، وتربية الأولاد واجبة عليكما معا.
فإن كان زوجك على الحال الذي ذكرتِ، فناصحيه بالحكمة والموعظة الحسنة في ضوء ما ذكرنا، وأكثري من الدعاء له بخير، واستعيني عليه ببعض الأخيار ممن لهم مكانة عنده، فلعله يقبل قولهم، ويستمع لنصحهم.
ومن أهم ما ينبغي أن يذكر به أمر الصلاة، فهي خير العمل، فإن أصلحها صلح معها حاله، فإنها تنهى عن الذنوب والآثام، قال تعالى: وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. [العنكبوت 45].
فإن صلح حاله، فالحمد لله، وإلا فلك الحق في طلب الطلاق للضرر، ولكن لا تعجلي للطلاق إلا إذا ترجحت مصلحته، فبينكما رحم عليكما مراعاتها، وقد رزقتما الأولاد، فإن حصل الطلاق، فقد تكون له بعض الآثار السلبية عليهم.
ولو قدر أن وقع الطلاق، وكانت هذه الطلقة الأولى أو الثانية، فالطلاق رجعي، فأنت في حكم الزوجة ما دمت في العدة تعتدين في بيت زوجك، فإذا انقضت العدة صرت أجنبية عنه، فتعاملينه على هذا الأساس، فلا تضعي حجابك عنده، ولا يخلو بك، ونحو ذلك، ولا يضر كونه معك في نفس بيت العائلة ما دمتما في شقق مختلفة.
والله أعلم.