عنوان الفتوى : من شؤم المعاصي الحرمان من الطاعة
قوله تعالى: (فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات)، فهل تارك الصلاة يستطيع ترك المعصية، أم إنه لا يستطيع مهما حاول؛ لأنه لا يصلي؟ وهل الاستغفار ينفع تارك الصلاة بنية أن يصلي؟ جزاكم الله خيرًا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ترك الصلاة معصية شنيعة, بل إن بعض أهل العلم قد قال: إن ترك صلاة واحدة عمدًا حتى يخرج وقتها، يعتبر كفرًا مخرجًا عن ملة الإسلام، لكن مذهب الجمهور على عدم كفره، إذا كان غير جاحد لوجوبها، وراجع التفصيل في الفتوى: 346180.
ولم نقف على من قال: إن تارك الصلاة لا يستطيع ترك المعاصي، لكنه قد لا يوفق لتركها, ولا لفعل الطاعات؛ وذلك من شؤم المعصية، قال ابن القيم في الجواب الكافي متحدثًا عن آثار المعصية: ومنها: أن المعاصي تزرع أمثالها، وتولد بعضها بعضًا؛ حتى يعز على العبد مفارقتها، والخروج منها، كما قال بعض السلف: إن من عقوبة السيئة السيئة بعدها، وإن من ثواب الحسنة الحسنة بعدها، فالعبد إذا عمل حسنة قالت أخرى إلى جنبها: اعملني أيضًا، فإذا عملها، قالت الثالثة كذلك، وهلّم جرًّا، فتضاعف الربح، وتزايدت الحسنات.
وكذلك كانت السيئات أيضًا؛ حتى تصير الطاعات والمعاصي هيئات راسخة، وصفات لازمة، وملكات ثابتة.
وقال أيضًا: ومنها: حرمان الطاعة، فلو لم يكن للذنب عقوبة إلا أن يصد عن طاعة تكون بدله، ويقطع طريق طاعة أخرى، فينقطع عليه بالذنب طريق ثالثة، ثم رابعة، وهلم جرًا، فينقطع عليه بالذنب طاعات كثيرة، كل واحدة منها خير له من الدنيا وما عليها. انتهى.
ولا ندري قصدك من قولك: هل الاستغفار ينفع تارك الصلاة بنية أن يصلي؟ ولكنا نفيدك بأن الاستغفار مع الإصرار على المعصية، تلاعب، وكذب، يحتاج صاحبه إلى التوبة منه، وراجع الفتوى: 272113.
وراجع لمزيد الفائدة عمّا يعين على ترك المعاصي الفتوى: 114475, وعن خطورة المعاصي ومفاسدها، راجع الفتوى: 206275. وللمزيد عن فوائد الاستغفار، راجع الفتويين: 39154، 24902.
والله أعلم.